المجموعة: عدد ربيع الأول 1439هـ
الزيارات: 15987

 

عبادة التفكر (1)

عبادة التفكر

مقدمة

معنى التفكر

مقصود  التفكر

مجالاته  ومظاهره

مقدمة: إن عبادة التفكر من أعمال القلوب العظيمة، التي هي مفتاح الأنوار، ومبدأ الاستبصار، وشبكة العلوم، ومصيدة المعارف والفهوم، وهي عبادة الأنبياء، ودرب الأتقياء، نورٌ لمن تفكّر، وطريقٌ موصلةٌ للخالق تبارك وتعالى، من تبحّر فيها وجد الآيات الباهرات، وجميل المعجزات، وكلما كان الإنسان أكثر تفكرا وتأملا في خلق الله وأكثر علما بالله تعالى وعظمته كان أعظم خشية لله تعالى كما قال سبحانه: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } [فاطر: 28]

  فما معنى التفكر؟ وما أهميته؟ وفي أي شيء يكون التفكر؟ وما هي أسبابه؟ وما هي ثمرته؟

التفكر  هو:

إعمال العقل في أسرار ومعاني الآيات الشرعية والكونية عن طريق التأمل والتدبر وملاحظة وجه الكمال والجمال ومشاهدة الدقة وحسن التنظيم والسنن الكونية والتماس الحكمة والعبرة من وراء ذلك. (1)

مقصود  التفكر

 مما تقدم ندرك أن التفكر عمل قلبي مستمر، ومناطه العقل، وهو عملية لا تقصد بذاتها وإنما بما يحصله المرء منها، وهو الاعتبار والعمل والطاعة، ولذلك فسَّر مجاهد قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}. قال: يطيعون، فالتفكر

 مآله الطاعة والتسليم والانقياد لله رب العالمين، وإلا فلا فائدة منه. (2)

قال الشيخ ابن عثيمين: التفكر: هو أن الإنسان يعمل فكره في الأمر، حتى يصل فيه إلى نتيجة، وقد أمر الله تعالى به - أي بالتفكر -  وحث عليه في كتابه، لما يتوصل إليه الإنسان به من المطالب العالية والإيمان واليقين. (3)

قال الشيخ السعدي: مجرد نظر العين، وسماع الأذن، وسير البدن الخالي من التفكر والاعتبار، غير مفيد، ولا موصل إلى المطلوب. (4)

ولهذا قال الحسن البصري: ما زال أهل العلم يعودون بالتفكر على التذكر، وبالتذكر على التفكر، ويناطقون القلوب حتى نطقت، فإذا لها أسماع وأبصار، فنطقت بالحكمة وضَربتِ الأمثالَ، فأَورَثتِ العلم. (5)

ويتضح ذلك المعنى جليا في فعله -صلى الله عليه وسلم- كما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه بات عند خالته ميمونة -رضي الله عنها-، فقال في حديثه: فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمسح النوم عن وجهه ثم قرأ الآيات العشر الخواتم من سورة آل عمران، وقام إلى شَنٍّ معلَّق فتوضأ وضوءا خفيفا ثم صلى ثلاث عشرة ركعة، الحديث. (6)

قال القرطبي: فانظروا رحمكم الله إلى جمعه بين التفكر في المخلوقات ثم إقباله على صلاته بعده، وهذه السنة هي التي يعتمد عليها. فأما طريقة الصوفية أن يكون الشيخ منهم يوما وليلة وشهرا مفكرا لا يفتر، فطريقة بعيدة عن الصواب غير لائقة بالبشر،

 ولا مستمرة على السنن. (7)

منزلة عبادة التفكر وأهميتها

هذه العبادة لها منزلة رفيعة ومكانة عالية في شريعتنا، ولها الأثر البالغ في النفوس والتأثير العظيم في القلوب ومع ذلك يجهل فضلها كثير من الناس فضلا عن حقيقتها، قال الغزالي: كَثُر الحثُّ في كتاب الله تعالى على التدبر والاعتبار والنظر والافتكار ولا يخفى أن الفكر هو مفتاح الأنوار ومبدأ الاستبصار وهو شبكة العلوم ومصيدة المعارف والفهوم وأكثر الناس قد عرفوا فضله ورتبته لكن جهلوا حقيقته وثمرته ومصدره ومورده. (8)

لذلك نورد بعض الأدلة التي تشوق النفوس وتحث الهمم على معرفة وطلب هذه العبادة العظيمة

1- الدعوة إلى التفكر من أجل الانتفاع بالآيات

لقد وردت آيات عديدة في القرآن العظيم في الحث على التفكر في مواضع عديدة ختمت بالدعوة إلى التفكر { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الرعد: 3] وفي مواضع أخرى غيرها، ومن ذلك أيضا قوله تعالى {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [يونس: 24]

قال البقاعي: أي يجددون الفكر على وجه الاستمرار والمبالغة؛ والختم بالتفكر إشارة إلى الاهتمام بإعطاء المقام حقه. (9)

وقال تعالى { قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ } [يونس: 101]

قال ابن الجوزي: وليس المراد بالنظر إلى ما في السموات والأرض ملاحظته بالبصر، وإنما هو التفكر في قدرة الصانع.(10)

2- لأنهم أصحاب العقول السليمة

 قال تعالى { يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ } [البقرة: 269]       

قال مالك بن أنس: الحكمة التفكر في أمر الله والاتباع له. (11)

قال ابن القيم: الناس ثلاثة: رجل قلبه ميت، فذلك الذي لا قلب له، فهذا ليست هذه الآية ذكرى في حقه.

الثاني: رجل له قلب حي مستعد، لكنه غير مستمع للآيات المتلوة وقلبه مشغول عنها بغيرها، فهو غائب القلب، ليس حاضرا، فهذا أيضا لا تحصل له الذكرى مع استعداده ووجود قلبه.

الثالث: رجل حي القلب مستعد، تليت عليه الآيات، فأصغى بسمعه، وألقى السمع وأحضر قلبه، ولم يشغله بغير فهم ما يسمعه، فهو شاهد القلب، ملق السمع، فهذا القسم هو الذي ينتفع بالآيات المتلوة والمشهودة. (12)

3- وذم الله المعرضين عن الآيات التاركين للتفكر فيها والاعتبار بها

قال تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} [يوسف: 105]

قال ابن كثير: يخبر تعالى عن غفلة أكثر الناس عن التفكر في آيات الله ودلائل توحيده، بما خلقه الله في السموات والأرض من كواكب زاهرات ثوابت، وسيارات وأفلاك دائرات، والجميع مسخرات. (13)

وقال تعالى: { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى} [الروم: 8]

قال ابن كثير: يقول تعالى منبها على التفكر في مخلوقاته، الدالة على وجوده وانفراده بخلقها، وإنه لا إله غيره ولا رب سواه، فقال: {أولم يتفكروا في أنفسهم} يعني به: النظر والتدبر والتأمل لخلق الله الأشياء من العالم العلوي والسفلي، وما بينهما من المخلوقات المتنوعة، والأجناس المختلفة، فيعلموا أنها ما خلقت سدى ولا باطلا بل بالحق. (14)

4- النبي -صلى الله عليه وسلم- يتفكر ويعلمنا كيف نتفكر

لقد كانت عبادة التفكر دأب النبي -صلى الله عليه وسلم- منذ تحنثه وهو شاب في غار حراء، وظل ذلك ديدنه حتى لحق بالرفيق الأعلى، عن ابْن عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ لَيْلَةٍ؛ فَقَامَ نَبِيُّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَخَرَجَ فَنَظَرَ فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ فِي آلِ عِمْرَانَ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}. حَتَّى بَلَغَ {فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَيْتِ فَتَسَوَّكَ وَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى ثُمَّ اضْطَجَعَ ثُمَّ قَامَ، فَخَرَجَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ، ثُمَّ رَجَعَ فَتَسَوَّكَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى ". (15)

قال النووي: فيه أنه يستحب قراءتها عند الاستيقاظ في الليل مع النظر إلى السماء لما في ذلك من عظيم التدبر، وإذا تكرر نومه واستيقاظه وخروجه استحب تكريره قراءة

 هذه الآيات كما ذكر في الحديث. (16)

قال ابن تيمية: والنظر إلى المخلوقات العلوية والسفلية على وجه التفكر والاعتبار مأمور به مندوب إليه. (17)

وعَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنها-، فقال ابْنُ عُمَيْرٍ: أَخْبِرِينَا بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: فَسَكَتَتْ ثُمَّ قَالَتْ: لَمَّا كَانَ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي، قَالَ: (يَا عَائِشَةُ ذَرِينِي أَتَعَبَّدُ اللَّيْلَةَ لِرَبِّي) قُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَكَ، وَأُحِبُّ مَا سَرَّكَ، قَالَتْ: فَقَامَ فَتَطَهَّرَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ حِجْرَهُ، قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ، قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ الْأَرْضَ، فَجَاءَ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ، فَلَمَّا رَآهُ يَبْكِي، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ تَبْكِي وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ ، قَالَ: ( أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا، لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ آيَةٌ، وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ. . . } ) الْآيَةَ كُلَّهَا. (18)

وتوعد النبي -صلى الله عليه وسلم- مَن قرأها ولم يتفكر فيها لأن فيها لطائف عظيمة، وعوارف جسيمة لمن تأمل في مبانيها، وتبين له بعض معانيها. (19)

عن عبد الرحمن بن سليمان قال: سألت الأوزاعي عن أدنى ما يتعلق به المتعلق من الفكر فيهن وما ينجيه من هذا الويل؟ فأطرق هنية ثم قال: يقرؤهن وهو يَعْقِلُهن. (20)

 5 - السلف يتفكرون

عن عون بن عبد الله بن عتبة، قال: سألت أم الدرداء: ما كان أفضل عبادة أبي الدرداء؟ قالت: التفكر والاعتبار.(21)

وشرب عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- ماء باردا فبكى فاشتد بكاؤه فقيل له: ما يبكيك؟ قال: ذكرت آية في كتاب الله عز وجل{وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [سبأ: 54]، قال: فعرفت أن أهل النار لا يشتهون شيئا إلا الماء البارد، وقد قال الله عز وجل: {أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ}  [الأعراف: 50]. (22)

وقام محمد بن المنكدر ذات ليلة يصلي فبكى وكثر بكاؤه حتى فزع أهله، وسألوه ما الذي أبكاه فاستعجم عليهم، وتمادى في البكاء، فأرسلوا إلى أبي حازم فأخبروه بأمره، فجاء أبو حازم إليه، فإذا هو يبكي، قال: يا أخي، ما الذي أبكاك؟ قد رُعْتَ أهلك، أفَمِنْ عِلةٍ؟ أم ما بك؟ قال: فقال: إنه مرت بي آية في كتاب الله عز وجل، قال: وما هي؟ قال: قول الله تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر: 47] قال: فبكى أبو حازم أيضا معه واشتد بكاؤهما، قال: فقال بعض أهله لأبي حازم: جئنا بك لتفرج عنه فزدته، قال: فأخبرهم ما الذي أبكاهما. (23)

عن عبد الأعلى بن زياد الأسلمي، قال: رأيت داود الطائي، يوما قائما على شاطئ الفرات مبهوتا، فقلت: ما يوقفك ههنا يا أبا سليمان؟ قال: أنظر إلى الفلك كيف تجري في البحر مسخرات بأمر الله تعالى. (24)

6- التفكر من العبادات القلبية التي هي أشرف من أعمال الجوارح

عن أَبي الدَّرْدَاءِ -رضي الله عنه- أنه كَانَ يَقُولُ: تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ. (25)

قال ابن القيم: الفكرة عمل القلب والعبادة عمل الجوارح والقلب أشرف من الجوارح فكان عمله أشرف من عمل الجوارح.(26)

7 - حياتك تبع لأفكارك

قال الشيخ السعدي: اعلم أن حياتك تبع لأفكارك، فإن كانت أفكارا فيما يعود عليك نفعه في دين أو دنيا فحياتك طيبة سعيدة، وإلا فالأمر بالعكس. (27)

مجالات  ومظاهر  التفكر

- التفكر في الآيات الشرعية

قال ابن القيم: فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده، وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن، وإطالة التأمل فيه، وجمع الفكر على معاني آياته. (28)

 قال تعالى: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [النحل: 44]

قال السعدي: أي يتفكرون فيه فيستخرجون من كنوزه وعلومه بحسب استعدادهم وإقبالهم عليه. (29)

وأعظم الناس هداية وأسلمهم عاقبة في الدنيا والآخرة، مَن طلب الهداية في كتاب الله قال تعالى: { قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ}

   [المائدة: 15، 16] وقال تعالى: { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9]

قال ابن القيم: فلا تزال معاني القرآن تنهض العبد إلى ربه بالوعد الجميل، وتحذره وتخوفه بوعيده من العذاب الوبيل، وتحثه على التضمر والتخفف للقاء اليوم الثقيل، وتهديه في ظلم الآراء والمذاهب إلى سواء السبيل. (30)

التفكر في الآيات  الكونية

- إن التفكر في الكون يورث الحكمة، ويحيي القلوب، ويغرس فيها الخوف والخشية من الله عز وجل. قال تعالى {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 190، 191]

قال السعد ي: حث العباد على التفكر فيها، والتبصر بآياتها، وتدبر خلقها، وأبهم قوله: {آيات} ولم يقل: "على المطلب الفلاني" إشارة لكثرتها وعمومها، وذلك لأن فيها من الآيات العجيبة ما يبهر الناظرين، ويقنع المتفكرين، ويجذب أفئدة الصادقين، وينبه العقول النيرة على جميع المطالب الإلهية. (31)

الشَّمْسُ وَالْبَدْرُ مِنْ آيَاتِ قُدْرَتِهِ               وَالْبَرُّ وَالْبَحْرُ فَيْضٌ مِنْ عَطَايَاهُ

الطَّيْرُ سَبَّحَهُ وَالْوَحْشُ مَجَّدَهُ                       وَالْمَوْجُ كَبَّرَهُ وَالْحُوتُ نَاجَاهُ

وَالنَّمْلُ تَحْتَ الصُّخُورِ الصُّمِّ قَدَّسَهُ           وَالنَّحْلُ يَهْتِفُ حَمْدًا فِي خَلايَاهُ

وَالنَّاسُ يَعْصُونَهُ جَهْرًا فَيَسْتُرُهُمْ                 وَالْعَبْدُ يَنْسَى وَرَبِّي لَيْسَ يَنْسَاهُ

- التفكر في الكون يكشف عن عظمة الخالق في خلقه، ويجعل المرء يقر بوحدانية الله تعالى، ويتواضع لعظمته، ويحاسب نفسه على أخطائها فيزداد إيماناً وصفاء.

قال ابن كثير: من تأمل هذه الموجودات السفلية والعلوية واختلاف أشكالها وألوانها وطباعها ومنافعها ووضعها في مواضع النفع بها محكمة، علم قدرة خالقها وحكمته وعلمه وإتقانه وعظيم سلطانه، كما قال بعض الأعراب، وقد سئل: ما الدليل على وجود الرب تعالى؟ فقال: يا سبحان الله، إن البعرة لتدل على البعير، وإن أثر الأقدام لتدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج؟ ألا يدل ذلك على وجود اللطيف الخبير؟

وعن أبي حنيفة أن بعض الزنادقة سألوه عن وجود الباري تعالى، فقال لهم: دعوني فإني مفكر في أمر قد أخبرت عنه ذكروا لي أن سفينة في البحر موقرة فيها أنواع من المتاجر وليس بها أحد يحرسها ولا يسوقها، وهي مع ذلك تذهب وتجيء وتسير بنفسها وتخترق الأمواج العظام حتى تتخلص منها، وتسير حيث شاءت بنفسها من غير أن يسوقها أحد. فقالوا: هذا شيء لا يقوله عاقل، فقال: ويحكم هذه الموجودات بما فيها من العالم العلوي والسفلي وما اشتملت عليه من الأشياء المحكمة ليس لها صانع! ! فبهت القوم ورجعوا إلى الحق وأسلموا على يديه.

وعن الإمام أحمد بن حنبل أنه سئل عن ذلك فقال: هاهنا حصن حصين أملس، ليس له باب ولا منفذ، ظاهره كالفضة البيضاء، وباطنه كالذهب الإبريز، فبينا هو كذلك إذ انصدع جداره فخرج منه حيوان سميع بصير ذو شكل حسن وصوت مليح، يعني بذلك البيضة إذا خرج منها الدجاجة.

فمن تأمل هذه السماوات في ارتفاعها واتساعها وما فيها من الكواكب الكبار والصغار المنيرة من السيارة ومن الثوابت، وشاهدها كيف تدور مع الفلك العظيم في كل يوم وليلة دويرة ولها في أنفسها سير يخصها، ونظر إلى البحار الملتفة للأرض من كل جانب، والجبال الموضوعة في الأرض لتقر ويسكن ساكنوها مع اختلاف أشكالها وألوانها كما قال: {  وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر: 27، 28] وكذلك هذه الأنهار السارحة من قطر إلى قطر لمنافع العباد وما زرأ في الأرض من الحيوانات المتنوعة والنبات المختلف الطعوم والأشكال والألوان مع اتحاد طبيعة التربة والماء، علم وجود الصانع وقدرته العظيمة وحكمته ورحمته بخلقه ولطفه بهم وإحسانه إليهم وبره بهم لا إله غيره ولا رب سواه، عليه توكلت وإليه أنيب. (32)

- التفكر في النفس

من تفكَّر في إبداع الخالق سبحانه في خلق هذه النفس علم الغاية التي خلق من أجلها

قال قتادة: من تفكر في خلق نفسه عرف أنه إنما خلق ولينت مفاصله للعبادة. (33)

قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات: 56]

لِلَّهِ فِي الآفَاقِ آيَاتٌ لَعَـ                                ـلَّ أَقَلَّهَا هُوَ مَا إِلَيْهِ هَدَاكَا

وَلَعَلَّ مَا فِي النَّفْسِ مِنْ آيَاتِهِ                       عَجَبٌ عُجَابٌ لَوْ تَرَى عَيْنَاكَا

وَالْكَوْنُ مَشْحُونٌ بِأَسْرَارٍ إِذَا                    حَاوَلْتَ تَفْسِيرًا لَهَا أَعْيَاكَا

ولقد ندبنا الله عز وجل إلى التفكر في خلق الإنسان والنظر في ذلك في مواضع عدة من كتابه الكريم فقال تعالى { فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ } [الطارق: 5 - 7]      وقال تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ } [الذاريات: 20، 21]

قال ابن كثير: فجميع أهل الأرض -بل أهل الدنيا - منذ خلق الله آدم إلى قيام الساعة: كل له عينان وحاجبان، وأنف وجبين وفم وخدان. وليس يشبه واحد منهم الآخر، بل لا بد أن يفارقه بشيء من السمت أو الهيئة أو الكلام، ظاهرا كان أو خفيا، يظهر عند التأمل، كل وجه منهم أسلوب بذاته وهيئة لا تشبه الأخرى. ولو توافق جماعة في صفة من جمال أو قبح، لا بد من فارق بين كل واحد منهم وبين الآخر. (34)

- التفكر في حقارة الدنيا وسرعة زوالها وشرف الآخرة وبقائها

قال ابن القيم: وأنفع الفكر؛ الفكر في مصالح المعاد وفي طرق اجتلابها وفي دفع مفاسد المعاد وفي طرق اجتنابها. (35)      قال تعالى: { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [البقرة: 219 -220]

قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: أي تتفكرون في زوال الدنيا وفنائها، وإقبال الآخرة، وبقائها.

وقال قتادة: تتفكرون في الدنيا والآخرة، فتعرفون فضل الآخرة على الدنيا.

وقال أيضا: من فكر في الدنيا والآخرة عرف فضل إحداهما على الأخرى وعرف أن الدنيا دار بلاء ثم دار فناء وأن الآخرة دار بقاء ثم دار جزاء.

وقال ابن جريج: أما الدنيا فتعلمون أنها دار بلاء ثم فناء، والآخرة دار جزاء ثم بقاء، فتتفكرون، فتعملون للباقية منهما.(36)

وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرا ما يبين لأصحابه حقيقة الدنيا  ويحذرهم من الركون إليها، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِمَنْكِبِي، فَقَالَ: ( كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ) وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ. (37)

قال ابن رجب: هذا الحديث أصل في قصر الأمل في الدنيا، وأن المؤمن لا ينبغي له أن يتخذ الدنيا وطنا ومسكنا، فيطمئن فيها، ولكن ينبغي أن يكون فيها كأنه على جناح سفر: يهيئ جهازه للرحيل. وقد اتفقت على ذلك وصايا الأنبياء وأتباعهم، قال تعالى حاكيا عن مؤمن آل فرعون أنه قال: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ}[غافر:39].(38)

وهذه حالُه -صلى الله عليه وسلم- مع الدنيا، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود -رضي الله عنه-، قَالَ: نَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى حَصِيرٍ فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً، فَقَالَ: ( مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا ). (39)

- التفكر في مصارع الظالمين

من مجالات التفكر العظيمة، التفكر في مصارع الأمم الغابرة، فيما نقل من أخبارهم في القرآن الكريم والسنة المطهرة، كيف كانوا؟ وأين هم الآن؟ {فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا} [القصص: 58]  وقد قص القرآن الكريم علينا قصص أولئك الأمم: عاد وثمود وقوم نوح وقوم لوط، وغيرهم، وقص علينا نبأ الذين استكبروا وطغوا وتجبروا: فرعون وهامان وقارون وغيرهم، بماذا قابلوا نعم الله عليهم وماذا كان مصيرهم؟. (40) قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 6 - 14]

وقد دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الاتعاظ بهؤلاء الأقوام الذين استحقوا مقت الله وغضبه، عن عَبْد اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: مَرَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الْحِجْرِ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ( لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ { على هَؤُلاَءِ المُعَذَّبِينَ }، إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ { فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ } حَذَرًا، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ ). ثُمَّ زَجَرَ ناقتَه فَأَسْرَعَ حَتَّى خَلَّفَهَا. (41)

وعند مسلم: عن عَبْد اللهِ بْن عُمَرَ أَنَّ النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الْحِجْرِ - أَرْضِ ثَمُودَ - فَاسْتَقَوْا مِنْ آبَارِهَا، وَعَجَنُوا بِهِ الْعَجِينَ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُهَرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا، وَيَعْلِفُوا الْإِبِلَ الْعَجِينَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنَ الْبِئْرِ الَّتِي كَانَتْ تَرِدُهَا النَّاقَةُ.

قال ابن حجر: ووجه هذه الخشية أن البكاء يبعثه على التفكر والاعتبار فكأنه أمرهم بالتفكر في أحوال توجب البكاء من تقدير الله تعالى على أولئك بالكفر مع تمكينه لهم في الأرض وإمهالهم مدة طويلة ثم إيقاع نقمته بهم وشدة عذابه وهو سبحانه مقلب القلوب فلا يأمن المؤمن أن تكون عاقبته إلى مثل ذلك، والتفكر أيضا في مقابلة أولئك نعمة الله بالكفر وإهمالهم إعمال عقولهم فيما يوجب الإيمان به والطاعة له فمن مر عليهم ولم يتفكر فيما يوجب البكاء اعتبارا بأحوالهم فقد شابههم في الإهمال ودل على قساوة قلبه وعدم خشوعه فلا يأمن أن يجره ذلك إلى العمل بمثل أعمالهم فيصيبه ما أصابهم. (42)

---

(1) خالد بن سعود البليهد / العبادة الصامتة / موقع صيد الفوائد

(2) مجلة البحوث الإسلامية (66/ 127) موضوع بعنوان التفكير في آيات الله ومخلوقاته في ضوء الكتاب والسنة / للدكتور عبد الله بن إبراهيم اللحيدان

(3) شرح رياض الصالحين (1/ 576)

(4) تفسير السعدي (ص: 541)

(5) التبصرة لابن الجوزي (1/ 65)

(6) رواه البخاري (183) ومسلم (763)

(7) تفسير القرطبي (4/ 315)

(8) إحياء علوم الدين (4/ 423)

(9) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي (9/ 103) (10/ 277)

(10) التبصرة لابن الجوزي (1/ 65)

(11) تفسير القرطبي (3/ 330)

(12) مدارج السالكين (1/ 441)

(13) تفسير ابن كثير ت سلامة (4/ 418)

(14) تفسير ابن كثير ت سلامة (6/ 305)

(15) رواه مسلم (256)

(16) شرح النووي على مسلم (3/ 146)

(17) مجموع الفتاوى (15/ 343)

(18) رواه ابن حبان (620) وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 147)

(19) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للهروي (3/ 903) بتصرف

(20) تفسير ابن كثير (2/ 190)

(21) الزهد لوكيع (ص: 474)

(22) الزهد لأحمد بن حنبل (ص: 156)

(23) حلية الأولياء (3/ 146)

(24) حلية الأولياء (7/ 356)

(25) الزهد لابن المبارك (1/ 332)

(26) مفتاح دار السعادة (1/ 180)

(27) الوسائل المفيدة للحياة السعيدة (ص: 30)

(28) مدارج السالكين (1/ 450)

(29) تفسير السعدي (ص: 441)

(30) مدارج السالكين (1/ 451)

(31) تفسير السعدي (ص: 161)

(32) تفسير ابن كثير ت سلامة (1/ 197- 198)

(33) تفسير ابن كثير ت سلامة (7/ 419)

(34) تفسير ابن كثير (6/ 310)

(35) الفوائد لابن القيم (ص: 198)

(36) راجع تفسير الطبري (3/ 697) وما بعدها، وحلية الأولياء (2/ 339)

(37) رواه البخاري (6416)

(38) جامع العلوم والحكم (2/ 377)

(39) رواه الترمذي (2377) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2/ 989)

(40) مجلة البحوث الإسلامية (66/ 160)

(41) رواه البخاري (433) ومواضع أخر ومسلم (2980)

(42) فتح الباري لابن حجر (1/ 531)