المعاني الإيمانية من قصة الغامدية

المعاني الإيمانية من قصة الغامدية

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ نَبِيَّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَى، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، فَدَعَا نَبِيُّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلِيَّهَا، فَقَالَ: "أَحْسِنْ إِلَيْهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي بِهَا"، فَفَعَلَ، فَأَمَرَ بِهَا نَبِيُّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ، فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: تُصَلِّي عَلَيْهَا يَا نَبِيَّ اللهِ وَقَدْ زَنَتْ؟ فَقَالَ: "لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى"(1)

هذه قصة امرأة صادقة في إيمانها بربها، سجلت للأجيال موقفاً نادراً، يقف له التاريخ هيبة وإجلالاً وتعظيما؛. . . . بعيدا عن عالم البطولات، وعن سِجل التضحيات، لم نعرف هذه المرأة بطول قيامها بالليل ولا بكثرة صيامها بالنهار؛ ولكنها امرأة ضعيفة!. . عصفت بها لحظة من لحظات الضعف فوقعت في الفاحشة. . وسرعان ما ينكشف عنها غطاء الغفلة، وينتفض الإيمان في قلبها، فتأبى إلا أن تجود بنفسها، وتكون هي الفداء، لتسبق الأحياء، وتضع رحلها في جنة عرضها الأرض والسماء.

ها هي تقبل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخطىً ثابتة، وفؤادٍ يرجف من خشية الله؛ رمَتْ بكل مقاييس البشر وموازينهم، تناست العار والفضيحة، لم تلتفت إلى نظر الناس، أو إلى كلام الناس أو ماذا يقول الناس؟. . أقبلت تطلب الموت، نعم تطلب الموت، فالموت يهون إن كان معه المغفرة والصفح، يهون إن كان بعده الرضا والقبول، يهون إن كان فيه إطفاء لحرقة الألم، ولوعة المعصية، وتأنيب الضمير. . . تقول بصوت يملأه الأسى والأسف ( يَا نَبِيَّ اللهِ، أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْهُ عَلَيَّ). . . فيُشيح النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها بوجهه، فتقبل عليه وتقول: يا رسول الله أصبتُ حدًا فطهرني. . فيقول الرؤوف الرحيم -صلى الله عليه وسلم-: ( وَيْحَكِ ارْجِعِي فَاسْتَغْفِرِي اللهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ ). (2). . . فتقول: يا نبيَّ الله تُرِيدُ أَنْ تَردّنِي كَمَا رَددْتَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ،؟ والله إني لحُبْلَى من الزنا؟! ، وبعد هذا التصريح باقتراف ذنب يستوجب حدا من حدود الله أمام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الحاكم الذي يقيمُ شرعَ الله بين العباد  يقول لها: ( ارجعي حَتَّى تَضَعِي مَا فِي بَطْنِكِ ). . . . . فهل رجعت المرأةُ والفرح يملأ قلبها؟ والسرور يخالط نفسها؟ لأنها نجتْ من موت محقق؟ وردها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ كلا، بل لم يزل همُّ الذنب يزداد في فؤادها، وسياطُ الخوف تسيطر على تفكيرها.

ويمرُّ الشهر ويتبعه الشهر، والآلام تلد الآلام، فتأتي بعد تسعة أشهر بوليدها تحملُه. . ها أنا ذا وضعته فطهرني يا رسول الله، فيقول الرؤوف الرحيم -صلى الله عليه وسلم-: ( اذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ ).

وتعود بابنها الرضيع. . فلو رأيتها، ووليدُها بين يديها، والناس يرقبونها عَجَبًا وإكبارًا. . تُرضع وليدَها حولين كاملين. . كلما ألقمته ثديها، أو ضمَّتْه إلى صدرها زاد تعلقُها به وتعلقُه بها، وحبُّها له، كيف لا وهي أمُّه. . ولا تسلْ عن حنان الأم وعطفها.

وتمضي السنتان. . فتأتي بوليدها وفي يده خبزة يأكلها. . يا رسول الله قد فطمته فطهرني! !.

عجبًا لها ولحالها! أيُّ إيمانٍ تحمله؟. . وأي إصرار وعزم تتمثله؟. . قرابة الثلاث سنوات، والأيام تتعاقب، والشهور تتوالى، وفي كل لحظة لها مع الألم قصة، وفي عالم المواجع رواية. . ومع هذا فلا تزال ثابتةً على موقفها، خائفةً من ذنبها، منيبةً إلى ربها.

ثم كان أمر الله وشرعه. . فيدفع النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الصبيَّ إلى رجل من المسلمين، ويؤمر بها فترجم. . ورجم الزاني المحصن هو شرع الله، والله أحكم الحاكمين، ويجب على العاقل أن لا ينظر إلى هذه العقوبة الشديدة دون أن ينظر إلى خطورة جريمة الزنا. . الجريمة التي تعصف بالدين والعرض والنَّسْل والنَّفْس.

وإن من التناقض الذي يقع فيه دعاة ما يسمى بحقوق الإنسان؛ رأفتَهم بالجاني القاتل والسارق والزاني، ونسيانَهم قسوةَ الجريمة، وما يصيب المَجْنِيَّ عَلَيْه وأهلَه، وما يصيب الأسرة والمجتمع.

الرجم رَدْعٌ وزجْرٌ عن انتشار الزنا في المجتمع، ثم هو تطهيرٌ لِمَنْ أقيم عليه، فلا يحتاج بعده إلى تطهير في النار، ولعذاب الآخرة أشد ومن عذاب الدنيا. (3)

أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- برجم المرأة. . وبينما كانت ترجم، يطيش بعض دمها على خالد بن الوليد، فيسبها على مسمع من النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيقول -صلى الله عليه وسلم-:( مَهْلًا يَا خَالِدُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ )، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا، وَدُفِنَتْ.

وفي رواية أخرى أن عمر  -رضي الله عنه-  قال: تُصَلِّي عَلَيْهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: ( لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى)؟! !

الدروس والوقفات

- الوقفة الأولى: مهما عظم الذنب لا ينبغي للعبد أن يقنط  من رحمة الله فرحمة الله وسعت كل شيء

لقد أذنبت هذه المرأة حين وقعت في حبائل الشيطان، واستجابت له في لحظة ضعف، لكنها قامت من ذنبها بقلبٍ يملأه الإيمان، ونفسٍ تلهبها حرارة المعصية، فلم تقنط من رحمة الله، ولم تيأس من روح الله، فأبت إلا أن تنفض عنها غبار هذا الذنب العظيم فجاءت منيبة لربها مستسلمة لحكمه، وكلها ثقة بسعة رحمة الله وعفوه؛ وهذا ما ينبغي أن يكون عليه حال المؤمن عندما تغلبه نفسه أو يستهويه الشيطان فيقع في معصية لله تعالى، عند ذلك يتذكر المؤمن سعة عفو الله ورحمته فيسارع إلى التوبة من هذا الذنب؛ واستمع إلى كلام ربنا حين وصف لنا حال المتقين الذين يرثون جنة عرضها السماوات والأرض قائلا  {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135]

وما قصة قاتل المائة نفس منك ببعيد. (4)

وتأمل كيف فتح ربنا تعالى باب الرجاء والتوبة أمام كل عاصٍ مهما بلغت معصيته ولو كانت معصيته الكفر أو الشرك حتى لا يكون لأحد حجة على الله، يقول الله تعالى: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ } [الزمر: 53، 54]

قال ابن كثير  -رحمه الله- : هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة، وإخبار بأن الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها، وإن كانت مهما كانت وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر. (5)

قال علي بن أبي طالب: ما في القرآن آية أوسع من هذه الآية.

 وقال عبد الله بن عمر: هذه أرجى آية في القرآن. (6)

وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110]

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  -رضي الله عنه- ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: ( أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقَالَ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ ). (7)

قال النووي  -رحمه الله- : معناه ما دمتَ تذنب ثم تتوب غفرت لك، ولو تكرر الذنب مائة مرة أو ألف مرة أو أكثر وتاب في كل مرة قبلت توبته وسقطت ذنوبه. (8)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  -رضي الله عنه- ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ ). (9)

قال الطيبي: ليس الحديث تسلية للمنهمكين في الذنوب، كما يتوهمه أهل الغِرَّة بالله، فإن الأنبياء عليهم السلام إنما بعثوا ليردعوا الناس عن غشيان الذنوب، بل بيان لعفو الله - تعالى - وتجاوزه عن المذنبين ليرغبوا في التوبة، والمعنى المراد من الحديث هو أن الله كما أحب أن يعطي المحسنين أحب أن يتجاوز عن المسيئين. (10)

- الوقفة الثانية: الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية

من المتقرر عند أهل السنة والجماعة، أن إيمان العبد يزيد بطاعته لربه وينقص ببعده عن الطاعة ووقوعه في المعاصي ويظهر هذا المعنى جليا في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ  -رضي الله عنه-  قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: ( لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً، يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ). (11)

قال النووي  -رحمه الله- : هذا الحديث مما اختلف العلماء في معناه فالقول الصحيح الذي قاله المحققون أن معناه لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان. (12)

لذلك ينبغي للعبد أن ينتبه لنفسه ويتحصن دائما بطاعة ربه حتى لا تغلبه نفسه أو يستفزه الشيطان على الوقوع في الفواحش التي تغضب الرحمن، وليسأل ربه أن يثبت قلبه دائما على الإيمان حتي يلقاه، فعن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنهما-  قال: قال رَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم-  ( إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ ) ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ( اللهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ ). (13)

وعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ  -رضي الله عنه- ، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ( إِنَّمَا سُمِّيَ الْقَلْبُ مِنْ تَقَلُّبِهِ، إِنَّمَا مَثَلُ الْقَلْبِ كَمَثَلِ رِيشَةٍ مُعَلَّقَةٍ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ تُقَلِّبُهَا الرِّيحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ ). (14)

وعن علي بن أبي طالب  -رضي الله عنه- : عن  رَسُول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: ( مَا مِنَ الْقُلُوبِ قَلْبٌ، إِلَّا وَلَهُ سَحَابَةٌ كَسَحَابَةِ الْقَمَرِ، بَيْنَا الْقَمَرُ مُضِيءٌ إِذْ عَلَتْ عَلَيْهِ سَحَابَةٌ، فَأَظْلَمَ إِذْ تَجَلَّتْ عَنْهُ فَأَضَاءَ ). (15)

فاسأل ربك أن يملأ قلبك دائما بحب طاعته وأن يقيم جوارحك على العمل لدينه وأن يجنبك الخطأ والزلل

- الوقفة الثالثة: كمال علم الله وحكمته  ورحمته  بعباده  في  شرع الحدود

إن الشريعة الإسلامية جاءت بالعقائد والمبادئ والقيم والأخلاق والأحكام التي تنظم المجتمع المسلم في كافة شؤونه وجوانبه وتعاملاته، ثم جاءت بعد ذلك بالحدود والعقوبات كسياج يحمي ذلك المجتمع ويحافظ على مكتسباته في كافة الجوانب، وإن لم تطبق تلك الحدود فإن المكتسبات سوف تضيع وتتلاشى شيئًا فشيئًا، لذا احتاج الأمر إلى الحزم وعدم الرأفة وهو في هذا الموضع رحمة للجاني، ورحمة للمجتمع. (16)

قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- : إقامة الحدود يحصل بها النجاة لمن أقامها وأقيمت عليه وإلا هلك العاصي بالمعصية والساكت بالرضا بها. (17)

 فليست الغاية من إقامة الحدود التشفي والانتقام، قال ابن تيمية   -رحمه الله- : فينبغي أن يعرف أن إقامة الحدود رحمة من الله بعباده؛ فيكون الوالي شديدا في إقامة الحد؛ لا تأخذه رأفة في دين الله فيعطله. ويكون قصده رحمة الخلق بكف الناس عن المنكرات؛ لإشفاء غيظه وإرادة العلو على الخلق؛ بمنزلة الوالد إذا أدب ولده؛ فإنه لو كف عن تأديب ولده - كما تشير به الأم رقة ورأفة - لفسد الولد وإنما يؤدبه رحمة به وإصلاحا لحاله. (18)

وكما أن الحدود زواجر عن المعصية فكذلك هي أيضا كفارة للجاني، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ

 الصَّامِتِ   -رضي الله عنه- ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي مَجْلِسٍ، فَقَالَ: ( تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ).(19)

 قال الشاطبي  -رحمه الله- : إن المصلحة في الحدود ليست الازدجار فقط، بل ثَمَّ أمرٌ آخر وهو كونها كفارة؛ لأن الحدود كفارات لأهلها، وإن كانت زجرا أيضا عن إيقاع المفاسد. (20)

- الوقفة الرابعة: حفظ الشريعة  للمجتمع المسلم من انتشار  الفاحشة

من رحمة الله تبارك وتعالى أن جعل بين عباده وبين الوقوع في هذه الجريمة المنكرة حواجز منيعة وسياجات قوية حفاظا على سلامة المجتمع من الضياع وكذلك رحمة بأفراده لئلا يقعوا تحت طائل العقوبة الشرعية وتظهر عظمة هذه الشريعة في الأوامر والنواهي التي تضمن لأي مجتمع تمسك بها وطبقها واقعا السلامة من كل سوء ونذكر من ذلك عدة أمور منها:

- التحذير الشديد والترهيب من الوقوع في هذه الجريمة

قال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا } [الإسراء: 32]

فتأمل كيف نهى الله تعالى عن قربانه لأن ذلك أبلغ من النهي عن مجرد فعله لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه فإن: (من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) خصوصا هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داع إليه.(21)

وجاء في وصف عباد الرحمن {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 68 - 70]

ووصف الله المؤمنين الصادقين في إيمانهم بقوله {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 5 - 7]  و[المعارج: 29 - 31]

- التحذير من فتنة النساء

عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ -رضي الله عنهما-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ( مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ ). (22)

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ  -رضي الله عنه- ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ( إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ ). (23)

- وأمر الله  نساء المؤمنين بالقرار  في  بيوتهن  وعدم الخروج إلا لحاجة

قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } [الأحزاب: 33]

قال القرطبي  -رحمه الله- : وَالشَّرِيعَةُ طَافِحَةٌ بِلُزُومِ النِّسَاءِ بُيُوتَهَنَّ، وَالِانْكِفَافِ عَنِ الْخُرُوجِ مِنْهَا إِلَّا لِضَرُورَةٍ. (24)

وقال ابن كثير  -رحمه الله- : أَيِ: الْزَمْنَ بُيُوتَكُنَّ فَلَا تَخْرُجْنَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ. وَمِنِ الْحَوَائِجِ الشَّرْعِيَّةِ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ بِشَرْطِهِ. (25)، كَمَا قال -صلى الله عليه وسلم-: ( لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ، وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلاَتٍ ). (26)

قال ابن دقيق العيد  -رحمه الله- : ومعنى تَفِلَاتٍ أَيْ غَيْرَ مُتَطَيِّبَاتٍ، وَيُقَالُ امْرَأَةٌ تَفِلَةٌ إِذَا كَانَتْ مُتَغَيِّرَةَ الرِّيحِ؛ وَيَلْحَقُ بِالطِّيبِ مَا فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّ سَبَبَ الْمَنْعِ مِنْهُ مَا فِيهِ مِنْ تَحْرِيكِ دَاعِيَةِ الشَّهْوَةِ. (27)

فلا تُمنع المرأة من الخروج للمسجد وإن الأفضل في حقها القرار في بيتها، عَنِ ابْنِ عُمَرَ  -رضي الله عنهما-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ( لاَ تَمْنَعُوا النِّسَاءَ أَنْ يَخْرُجْنَ إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ ). (28)

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود  -رضي الله عنه- ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ( صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا، وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا ). (29)

لذلك قال سفيان الثوري  -رحمه الله- : ليس للمرأة خير من بيتها. (30)

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود  -رضي الله عنه- ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ( إِنَّ الْمَرْأَةَ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ، وَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ مِنْ رَبِّهَا وَهِيَ فِي قَعْرِ بَيْتِهَا ). (31)   ومعنى (استشرفها الشيطان) أي زينها في نظر الرجال ليغويها ويغوي بها. (32)

ويوضح لك هذا المعنى ما جاء في حديث جَابِرٍ  -رضي الله عنه- ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى امْرَأَةً، فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: ( إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ ). (33)

- ومع ذلك إذا أرادت المرأة الخروج من بيتها لمصلحة، فتخرج بالضوابط الشرعية وهي:

أ - أن لا تخرج سافرة متبرجة

والتبرّج: هو أن تظهر المرأة من محاسنها ما ينبغي لها أن تستره. (34)

فقال تَعَالَى: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى} [الأحزاب: 33]

واستمع إلى وصف العلماء لتبرج الجاهلية وقارن وبينه وبين تبرج المجتمعات المتحضرة

قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَخْرُجُ تَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ الرِّجَالِ، فَذَلِكَ تَبَرُّجُ الْجَاهِلِيَّةِ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: قال: كانت لهنَّ مشية وتكَسُّر وتغنج، يعني بذلك: الجاهلية الأولى، فنهاهن الله عن ذلك. (35)

ب- أن تلتزم الحجاب الشرعي

قال تعالى { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الأحزاب: 59]

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة.

وقال محمد بن سيرين: سألت عَبيدة السلماني عن قول الله تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن}، فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى. (36)

ج- أن تجتنب الطيب عند خروجها من بيتها

عَنْ أبي موسى الأَشْعَرِي  -رضي الله عنه-  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ، فَمَرَّتْ بِقَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ ). (37)

- وأمر الله تبارك وتعالى الرجال والنساء بغض أبصارهم

قال تعالى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 30، 31]

هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه، وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم، فإن اتفق أن وقع البصر على محرم من غير قصد، فليصرف بصره عنه سريعا(38)، كما في حديث جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ  -رضي الله عنه- ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي. (39)

وكذلك الأمر في النساء فأنهن شقائق الرجال.

وأمر بغض البصر خاصة لأنه الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته. ووجب التحذير منه، وغضه واجب عن جميع المحرمات، وكل ما يخشى الفتنة من أجله. (40)

- وحذر من الدخول على النساء الأجنبيات عند  غياب  محارمهن

قال تعالى في شأن الصحابة مع أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53]

فهذا أمر تأديب من الله لأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- مع زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا كان لأحدهم حاجة يريد تناولها منهن فلا ينظر إليهن، ولا يسألهن حاجة إلا من وراء حجاب.

{ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} لأنه أبعد عن الريبة، وكلما بعد الإنسان عن الأسباب الداعية إلى الشر، فإنه أسلم له، وأطهر لقلبه. (41)

فهذا شأن الصحابة مع أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم أطهر الأمة قلوبا فمن دونهم أولى بذلك الأدب؛ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ  -رضي الله عنه- : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ( إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ ) فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟ قَالَ: ( الحَمْوُ المَوْتُ ). (42)

قال الليث بن سعد: الحمو أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج بن العم ونحوه

ومعنى ( الحمو الموت ) أن الخوف منه أكثر من غيره والشر يتوقع منه والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه بخلاف الأجنبي. (43)

 - و نهي عن الخلوة بالمرأة الأجنبية

عن عُمَرَ بْن الْخَطَّابِ  -رضي الله عنه- ، أن رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ( لاَ يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا ). (44)

- ونهى الرجال عن مصافحة النساء الأجنبيات

عن مَعْقِل بْن يَسَارٍ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ( لَأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ ). (45)

إذا تأملت كل هذه الأوامر والنواهي الشرعية التي هي بمثابة السياج الواقي للفرد والمجتمع من ارتكاب هذه الجريمة الشنيعة وأمثالها، علمتَ بعد ذلك مدى سعة رحمة الله بعباده وعظيم فضله أن شرع لهم مثل هذه الأحكام الواقية من الوقوع في تلك المحرمات

- ثم لو نظرت وقارنت بين المجتمع الذي طُبقت فيه هذه الحدود وبين المجتمعات التي تدعو إلى الحرية الشخصية التي لا ضابط لها ولا رابط لرأيت البون الشاسع بين الفضيلة والرذيلة.

---

(1)  صحيح مسلم (3/ 1324).

(2) رواه مسلم (1695) من حديث بريدة بن الحصيب  -رضي الله عنه-  

(3) مقتبس من خطبة للشيخ سامي محمود

(4) رواه البخاري (3470) ومسلم (2766) من حديث أبي سعيد الخدري  -رضي الله عنه- .

(5) تفسير ابن كثير ت سلامة (7/ 106)

(6) تفسير القرطبي (15/ 269)

(7) رواه البخاري (7507) ومسلم (2758)

(8) شرح النووي على مسلم (17/ 75) بتصرف

(9) رواه مسلم (2749)

(10) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للهروي (4/ 1615)

(11) رواه البخاري (2475) ومسلم (57)

(12) شرح النووي على مسلم (2/ 41)

(13) رواه مسلم (2654)  

(14) رواه أحمد (4/ 408) وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/ 466)

(15) رواه الطبراني في الأوسط (5220) وأبو نعيم في حلية الأولياء (2/ 196) وحسنه الألباني في  صحيح الجامع (2/ 991)

(16) الاستضعاف وأحكامه في الفقه الإسلامي لزياد المشوخي (ص: 258)

(17) فتح الباري لابن حجر (5/ 296)

(18) مجموع الفتاوى (28/ 329)

(19) رواه البخاري (18) ومسلم (1709)

(20) الموافقات (2/ 85)

(21) تفسير السعدي (ص: 457)

(22) رواه البخاري (5096) ومسلم  (2740)

(23) رواه مسلم (2742)

(24) تفسير القرطبي (14/ 179)

(25) تفسير ابن كثير (6/ 409)

(26) رواه أحمد (2/ 438) وأبو داود (565) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ وصححه الألباني في صحيح الجامع (2/ 1242)

(27) فتح الباري لابن حجر (2/ 349)

(28) رواه أحمد (2/ 76) وأبو داود (567) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2/ 1242)

(29) رواه أبو داود (570) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3/ 108)

(30) شرح صحيح البخاري لابن بطال (2/ 471)

(31) رواه البزار (2061) وابن خزيمة في التوحيد له (1/ 42) وابن حبان (5599) وصححه الألباني في إرواء الغليل  (1/ 303)

(32) مرقاة المفاتيح للهروي (5/ 2054)

(33) رواه مسلم (1403)

(34) تفسير الطبري (19/ 218)

(35) تفسير الطبري (20/ 260) وتفسير ابن كثير (6/ 410)

(36) تفسير ابن كثير ت سلامة (6/ 482)

(37) رواه أحمد (4/ 413) والنسائي (8/ 153) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1/ 525)

(38) تفسير ابن كثير ت سلامة (6/ 41)

(39) رواه مسلم (2159)

(40) تفسير القرطبي (12/ 223)

(41) تفسير ابن كثير ت سلامة (6/ 455) تفسير السعدي (ص: 670) بتصرف

(42) رواه البخاري (5232) ومسلم (2172)

(43) شرح النووي على مسلم (14/ 154)

(44) رواه أحمد (1/ 18) وصححه الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (7/ 23)

(45) رواه الطبراني (486) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2/ 900)