بين يدي الكتاب

بين يدي الكتاب سلسلة زاد الواعظين

الحمد لله رب العالين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والمهتدين بهديه والداعين بدعوته إلى يوم الدين.

إن حاجة الإنسان إلى الوعظ والتذكير بالله سنة ماضية بعث الله من أجلها الأنبياء والمرسلين، وحمل الراية من بعدهم الدعاة والواعظين، ومن ثَمَّ فمهمة الدعوة والوعظ ينبغي أن تكون نابعة من معين الكتاب والسنة قال تعالى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [البقرة: 231].

هذا وينبغي لمن حمل لواء الوعظ والدعوة أن يوازن بين حاجته لاستمالة قلوب المدعوين والتأثير فيهم وبين التزامه بما حدَّه له الشارع الحكيم؛ قال تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [يوسف: 108].

ذلك أن الداعية إن تصدى لدعوة الناس ووعظهم وكان لا يحمل إلا همَّ الوصول إلى قلوبهم دون بصيرة يُميِّز بها بين الحق والباطل وما أمر به الشرع وما منع منه، فربما أفسد من حيث يريد الإصلاح، وربما وقع في الكذب على الله ورسوله ليعرض نفسه لذلك الوعيد النبوي الشديد: "مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" (1) ذلك أن النية الصالحة لا تصلح العمل الفاسد، والغاية لا تبرر الوسيلة بل لابد أن تنضبط الغايات والوسائل بضوابط الشرع؛ ومن ثَمَّ فليس كل صاحب منطق يصلح أن يكون داعيًّا، وليس كل صاحب لسان يصلح أن يكون واعظًّا فلا بد لكل واحد منهما أن يعي ما يقول وكيف يقول؛ فلا يتكلم إلا بدليل ، فإذا تكلم راعى اختلاف أحوال الناس وظروفهم فكلمهم بما يناسبهم.

ومن هذه المنطلقات جاءت هذه السلسلة المباركة الموسومة بـ "زاد الواعظين"  

حيث تقوم فكرتها على تقديم مواد دعوية وسلاسل منهجية ذات حلقات متتابعة تعالج مشكلات واقعية فترجعها إلى أصولها الشرعية من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.

ومما تتميز به هذه السلسلة أنها تتيح للواعظ والداعية أن يترك بصمته وأن يُظهِر أسلوبه وشخصيته وأن يوظف هذه المواد بما يناسب اختلاف الأحوال والأزمنة والأمكنة؛ إذ ليس المقصود منها أن تحفظ لتُلْقى على المسامع كما هي

 ومما يميزها أيضًا أننا نترك الباب مفتوحًا بخصوصها للتَّعقُّب وتصحيح الأخطاء وتعديل المسار؛ ذلك أن هذا العمل لا يعدو أن يكون عملًا بشريًّا يعتريه الخطأ والقصور؛ ولكن عزاؤنا أننا لا نقصد الخطأ ولا نُصِرُّ عليه إن بُيِّن لنا.

ونسأل الله أن يغفر لنا هزلنا وجدنا، وخطأنا وعمدنا، وكل ذلك عندنا.

وكتبه

أبو أحمد/ محمد حسني سلامة

---

(1) أخرجه البخاري (109)