من واحة الشعر الدعوي
قصيدة لابن القيم
أمــا والــذي حــج الـمـحـبـــون بـيـتــــه. . . . ولـبُّـوا لـــه عـنـــد الـمـهـــلَّ وأحرمــوا
وقـد كـشـفـــوا تـلـك الــرؤوس تواضعـــاً. . . . لِعِـــزَّةِ مـن تـعـنــوا الوجــوه وتُسـلـمُ
يُـهــلُّـــون بـالـبــيــداء لـبــيــــك ربَّــنــــا. . . . لـك المـلـك والـحمـد الذي أنـت تعلـمُ
دعــــاهــــم فـلـبَّـــوه رضـــاً ومـحــبــــةً. . . . فـلـمـــا دَعَــوه كـــان أقـــرب مـنــهــم
تـراهــم علـى الأنـضاد شُعثـاً رؤوسهم. . . . وغُـبـــراً وهـــم فـيـهـــا أســـرُّ وأنـعــم
وقـــد فــارقـــوا الأوطـان والأهــل رغبــة. . . . ولـــم يُــثْــنـهــم لـذَّاتــهـــم والتنـعُّـم
يـســـيـــرون مـــن أقطــارهـا وفجاجِهــا. . . . رجـــــالاً وركـبـــانــــا ً ولله أســلـــمـــوا
ولـمــــا رأتْ أبــصــــارُهــم بيتــه الــذي. . . . قــلـــوبُ الـــورى شـوقـاً إليــه تضـــرَّمُ
كــــأنــهـــم لــم يَـنْـصَـبــوا قــطُّ قـبـلـــه. . . . لأنّ شــقـــاهــــم قــد تـَرَحَّـلَ عنـهــمُ
فلله كـــم مـــن عـــبــــــرةٍ مـهــراقـــــةٍ. . . . وأخـــــرى عــلـــى آثــارهــا لا تـقـــدمُ
وقــد شَــرقَــتْ عـيـنُ المحـبَّ بدمعِهـــا. . . . فــيـنــظـرُ مـن بين الدمــوع ويُسجــمُ
وراحــــوا إلـى التعــريف يرجـونَ رحمــة. . . . ومغـفـــرةً مـمـــن يـجــــودَ ويــكــــــرمُ
فللـه ذاك الـمـــوقـــف الأعــظــم الــذي. . . . كمــوقـف يـــوم العـرض بل ذاك أعظـمُ
ويـــدنـــو بـــه الجبــــار جـــلَّ جـــلالــــه. . . . يُــبــاهــي بـهـــم أمــلاكـــه فهـو أكـرمُ
يـقــولُ عــبـــادي قــد أتـونـي محبـــــةً. . . . وإنـــــي بــهــــم بــــرُّ أجـــود وأكـــــــرمُ
فــأشـهـدُكــم أنــي غــفــرتُ ذنـوبهــم. . . . وأعـــطــيـتـهـــم مـــا أمَّــلـــوه وأنـعـــمُ
فـبـُشـراكُـم يـا أهل ذا الموقـف الـــذي. . . . بــه يـغـفـــرُ الله الــذنــــوبَ ويـــرحـــــمُ
فكــم مــن عـتـيــق فـيـه كـُمَّـل عتقُـه. . . . وآخـــر يـسـتــســعـــى وربُّـــكَ أكـــــرمُ
قال أحمد شوقي:
إِلى عَرَفاتِ اللَهِ يا خَيرَ زائِرٍ. . . . عَلَيكَ سَلامُ اللَهِ في عَرَفاتِ
وَيَومَ تُوَلّى وُجهَةَ البَيتِ ناضِراً. . . . وَسيمَ مَجالي البِشرِ وَالقَسَماتِ
عَلى كُلِّ أُفقٍ بِالحِجازِ مَلائِكٌ. . . . تَزُفُّ تَحايا اللَهِ وَالبَرَكاتِ
لَكَ الدينُ يا رَبَّ الحَجيجِ جَمَعتَهُم. . . . لِبَيتٍ طَهورِ الساحِ وَالعَرَصاتِ
أَرى الناسَ أَصنافاً وَمِن كُلِّ بُقعَةٍ. . . . إِلَيكَ اِنتَهَوا مِن غُربَةٍ وَشَتاتِ
تَساوَوا فَلا الأَنسابُ فيها تَفاوُتٌ. . . . لَدَيكَ وَلا الأَقدارُ مُختَلِفاتِ
وَيا رَبِّ هَل تُغني عَنِ العَبدِ حَجَّةٌ. . . . وَفي العُمرِ ما فيهِ مِنَ الهَفَواتِ