المساجد وإصلاح المجتمعات

المساجد وإصلاح المجتمعات

 

عناصر الخطبة

أهمية المسجد

أدوار المسجد

واجبنا نحو المساجد وحقوقها علينا

كان المسجدُ وما يزالُ شعار الحياة في المجتمع الإسلامي؛ فهو المدرسةُ الأولى التي تخرَّجَ فيها الصحابةُ-رضي الله عنهم-، فكان لهم كبير الأثر في جميع المجالات العلمية والدعوية والقضائية والأدبية وغيرها؛ ذلك أن المسجد أدى دوره وقام برسالته التي جاء من أجلها؛ فلم يكن في عهود الإسلام الأولى دار صلاة فحسب، بل كان مع ذلك دار اجتماعٍ لكلِّ المسلمين، ومركزاً لإرسال السرايا والجيوش، ومنه ينطلقُ الدعاة إلى الله يجوبون الأرض يعلِّمون الناس الخير. (1)

أهمية المسجد

بيان مكانة المسجد:

إن المسجد في الإسلام له مكانة رفيعة وقدسية ليست لغيره من البقاع، ومما يدل على ذلك أنَّ المساجد:

1- هي خير بقاع الأرض وأحبُّها إلى الله: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: ((أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا))(2)

قال النووي-رحمه الله-: لِأَنَّهَا بُيُوتُ الطَّاعَاتِ وَأَسَاسُهَا عَلَى التَّقْوَى، وَالْمَسَاجِدُ مَحَلُّ نُزُولِ الرَّحْمَةِ وَالْأَسْوَاقُ ضِدُّهَا. (3)

2- نَسَبَها الله عز وجل لنفسه تعظيماً لشأنها: قال تعالى{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18]

فالله سبحانه وتعالى وهو مالك كل شيء نسب المساجد إليه وشرَّفها وعظمها بإضافتها إليه، فليست هي لأحد سواه، كما أن العبادة التي كلَّف الله عباده إياها لا يجوز أن تُصرف لسواه.

 قال الشنقيطي-رحمه الله-: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( لِلَّهِ) إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ وَتَكْرِيمٍ. وَلِهَذَا مُنِعَتْ مِنَ اتِّخَاذِهَا لِأُمُورِ الدُّنْيَا مِنْ بَيْعٍ وَتِجَارَةٍ. (4)

وعَنْ عُمَرَ -رضي الله عنه-، قَالَ: الْمَسَاجِدُ بُيُوتُ اللهِ فِي الأَرْضِ، وَحَقٌّ عَلَى الْمَزُورِ أَنْ يُكْرِمَ زَائِرَهُ. (5)

3- حَثَّ الشارعُ على بنائِها وما ذلك إلا لأهميتها: فعن عُثْمَانَ بْن عَفَّانَ -رضي الله عنه-، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: ((مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ تَعَالَى - يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ - بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ))(6)

4- مدحَ اللهُ عُمَّارَها مادياً ومعنوياً: قال تعالى{ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ } [التوبة: 18]

قال ابن رجب-رحمه الله-: عمارةُ المساجدِ تكونُ بمعنيين: أحدُهما: عمارتُها الحسِّيَّة ببنائِها وإصلاحِها وترميمِها، وما أشْبَه ذلك. والثاني: عمارتُها المعنويّة بالصلاةِ فيها، وذكْرِ اللَّهِ وتلاوةِ كتابِهِ، ونشرِ العلم الذي أنزلَهُ على رسولِهِ، ونحو ذلك. وقد فُسِّرت الآيةُ بكلِّ واحدٍ من المعنيين، وفُسِّرتْ بهما جميعاً، والمعنى الثاني أخصُّ بها. (7)

وقال تعالى{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور: 36- 38] أَيْ: أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِرَفْعِهَا، أَيْ: بِتَطْهِيرِهَا مِنَ الدَّنَسِ وَاللَّغْوِ، وَالْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ الَّتِي لَا تَلِيقُ فِيهَا، كَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. (8)

5- حذَّرَ الشرع مِن تعطيلها ومنعِ عمارتها: قال تعالى{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [البقرة: 114]

من أجل ذلك فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد بدأ ببناء المسجد عندما هاجر إلى المدينة وقدمه على غيره، ثم كان المسجد بعد ذلك محورًا لحياة المسلمين ومجتمعًا لهم كل يوم وليلة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية واصفًا المساجد على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وكانت مواضع الأئمة ومجامع الأمة هي المساجد؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أسس مسجده المبارك على التقوى: ففيه الصلاة والقراءة والذكر؛ وتعليم العلم والخطب. وفيه السياسة وعقد الألوية والرايات وتأمير الأمراء وتعريف العرفاء. وفيه يجتمع المسلمون عنده لما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم. وكذلك عماله في: مثل مكة والطائف وبلاد اليمن وغير ذلك من الأمصار

والقرى وكذلك عماله على البوادي؛ فإن لهم مجمعا فيه يصلون وفيه يساسون. (9)

 

أدوار المسجد

وإن دور المسجد في الإسلام لم يقتصر على إقامة الصلاة فقط، بل تعدى هذه الوظيفة الأساسية إلى وظائف أخرى على جانب كبير من الأهمية، وكان له أدوار اجتماعية وتربوية وتعليمية أسهمت في بناء هذه الأمة ونشر ذلك الدين، وكان من هذه الأدوار:

الدور الإيماني والتربوي للمسجد:

1) التربية الروحية: من المؤكد أن رسالة المسجد في الإسلام تتركز في الدرجة الأولى على التربية الروحية، لما لصلاة الجماعة، وقراءة القرآن الكريم من ثواب عظيم وأجر جزيل.

 فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي الجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَفِي سُوقِهِ، خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ: إِذَا تَوَضَّأَ، فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى المَسْجِدِ، لاَ يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلاَةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً، إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى، لَمْ تَزَلِ المَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ، مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وَلاَ يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاَةَ ". (10)

2)  التعارف والأخوَّة الإسلامية: إن التعارف قاعدة من قواعد الآداب الإسلامية، بل هو ضرورة من ضرورات التعامل بين الناس، فالجار يحتاج إلى جاره، ولا يمكن أن يتعامل معه إلا إذا تعارفا، وكل واحد من الناس قد يحتاج إلى غيره، فكيف يتعامل معه بدون تعارف بينهما؟ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]

والمسجد كفيل بإيجاد تعارف أخوي إيماني لا ينسى، ذلك أن المصلين في الحي الواحد لا يلتقون في المسجد غالبًا إلا لأداء صلاة الفريضة، أما إذا كانت تربطهم حلقات الدرس في المسجد فإن لقاءهم يكون أكثر، وكذلك صلاة العيدين والجمعة وغيرها.

4) التفقه في الدين والإصلاح بين المتخاصمين كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجلس في المسجد ويسأله أصحابه، ويجيبهم وفتاواه -صلى الله عليه وسلم- وقضاؤه وإصلاحه بين المتخاصمين أمر مشهور.

فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كَعْبٍ: أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي المَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، فَنَادَى: يَا كَعْبُ قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ: أَيِ الشَّطْرَ، قَالَ: لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: قُمْ فَاقْضِهِ. (11)

5) القضاء على الفواحش وانحسارها في مجتمع المسلمين (12) عندما يكون للمسجد مكانته في المجتمع الإسلامي، ولا يتخلف المسلمون عن حضور صلاة الجماعة، يتمكن الإيمان من قلوبهم فيحبون الإيمان ويحبون الله ورسوله، والعمل الصالح، ويكرهون الكفر والفسوق والعصيان، وتنهاهم صلاتهم عن الفحشاء والمنكر والبغي فلا يأتون إلا ما أراده الله منهم شرعًا.

قال تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45]

قال القرطبي -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}  أخبر بأن الصلاة تنهى صاحبها وممتثلها عن الفحشاء والمنكر، وذلك لما فيها من تلاوة القرآن المشتمل على الموعظة، والصلاة تشغل كل بدن المصلي، فإذا دخل المصلي في محرابه وخشع وأخبت لربه، وذكر أنه واقف بين يديه، وأنه مطلع عليه ويراه، صلحت لذلك نفسه وتذللت، وخامرها ارتقاب الله تعالى وظهرت على جوارحه هيبتها، ولم

يكد يفتر عن ذلك، حتى تظلله صلاة أخرى يرجع بها إلى أفضل حالة. (13)

الدور التعليمي والدعوي للمسجد:

لقد بدأ النبي -صلى الله عليه وسلم- بتعليم أصحابه في مكة في المنازل، وخُصت دار الأرقم بن أبي الأرقم لتجمعهم، ولم يكن المسجد الحرام ينال حظه من التَّعليم والتزكية؛ لصد المشركين فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإيذائهم له، فكان يدعو فيه ويصبر على أذاهم، فلما انتقل الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، وبنى مسجده الشريف، وبنى حجرات نسائه بجانبه؛ ليكون قريبًا منه، فكان ينزل عليه الوحي في المسجد أو في بيته، وهو يتلوه على أصحابه في مسجده ويعلمهم معناه، كما كان يعلمهم الوحي الثاني، وهي السنة، وكان تعليمه لهم بالقول وبالفعل.

فكان مسجده -صلى الله عليه وسلم- مقر تعليمِه الأمةَ قولًا وعملًا، وكان أصحابه يتحلقون حوله، ليسمعوا حديثه، فعن أبي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بينما هو جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ: فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا: فَرَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ: فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ. (14)

وقد أثنى النبي -صلى الله عليه وسلم- على من يتعلم في المسجد فقال: ". . وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ". (15)

الدور التربوي للمسجد في تربية النشء

من واجب الأسر والمربين والمعلمين تعويد النشء على الارتباط بالمساجد وارتيادها لا سيما المميزين منهم؛ مع تعليمهم آداب المسجد، فقد كان الصبيان المميِّز منهم وغير المميِّز في عهد السلف يدخلون المسجد. . . ، ولا ينبغي تنفير الأولاد من بيوت الله بحجة أنهم مصدر إزعاج للمصلين، أو سبب لذهاب الخشوع في الصلاة؛ فهذه حجج واهية، وما وسع الصحابة ينبغي أن يسعنا، ومثل هذا الإزعاج إن صدر يمكن معالجته بأساليب صحيحة أخرى، غير الطرد من المسجد، فإن الطرد فيه مفاسد كثيرة، أولها بُغض الصبي للمسجد، ونفرته منه، لا سيما إذا كبر، وكفى بهذه مفسدة، والشارع الحكيم حرص على ترغيبهم في الصلاة بالمسجد لا تنفيرهم منه، بالإضافة إلى أن تعويدهم الحضور للمسجد، فيه فوائد أخرى عدا أداء الصلاة، ومن ذلك رؤيتهم منظر التلاحم بين المسلمين بمختلف فئاتهم، ولمسهم معالم التآخي بين المصلين، فينشؤون على مثل هذه المفاهيم، وإذا حضروا الجمعة تعلموا أدب الإنصات وحُسن الاستماع، هذا إذا كانوا غير مميِّزين، أما المميِّز منهم فإنه لا شك سيستفيد مما يسمع من خطبة أو محاضرة، وسيتعلم الأحكام الشرعية، والآداب الإسلامية، والتي سينقلها إلى أهل بيته لاحقًا؛ فإن الاستجابة في الناشئة أسرع منها في الكبار (16)

وينشأ ناشيء الفتيان منا              على ما كان عوّده أبوهُ

ولا صحة للحديث المشهور على ألسنة العامة؛ فعن واثلة بن الأسقع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ، وَمَجَانِينَكُمْ. . . . ". (17)

وقد دل على جواز إدخال الصبيان المساجد الحديث الذي رواه الشيخان عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَلِأَبِي العَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا. (18)

الدور الاجتماعي للمسجد:

    إن للمسجد دوره الأساسي في تماسك المجتمع وتقوية الروابط الاجتماعية، هذا التماسك الذي يعتبر هدفًا مهمًا شُرعت من أجله بعض التشريعات لتقويته كتشريع التآخي بين المؤمنين، وجاءت الكثير من الآداب والسنن لتعلم المسلم كيف يتعامل مع أخيه بشكل يضمن سلامة وقوة هذا التماسك، ودور المسجد في هذا الإطار واضح جدًا خصوصًا مع ملاحظة صلاة الجماعة فيه، والتي يعني الالتزام بها اجتماع المؤمنين خمس مرات في اليوم والليلة. ففيه يجتمع المسلمون خمس مرات في اليوم والليلة.

ولمَّا كان من طبيعة المسجد أن المسلمين يلتقون فيه مرات عديدة في اليوم والليلة؛ فإن المشكلات والحاجات الاجتماعىة على اختلاف أنواعها تظهر للناس بما يدعوهم إلى إيجاد حلول لها تدفعهم إلى ذلك روح التوادّ والتراحم التي أخبر عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: تَرَى المُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى. (19)

 ومن أمثلة هذه المشكلات مشكلة الفقر ومعالجته من قبل المجتمع المسلم وإشاعة التعفف لدى الفقراء وحثهم على طلب الرزق، فقد أنزل الله في أهل الصفة قوله: (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا) [البقرة: 273]. فكان المسجد متكفلًا بهم مراعيًا لهم، لا يألو جهدًا ولو بالقليل في إطعامهم وإدخال السرور عليهم، " فإِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا ". (20)

ومن حديث الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ -صلى الله عليه وسلم- فِي صَدْرِ النَّهَارِ، قَالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ، مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء: 1]، وَالْآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر: 18]. تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ - حَتَّى قَالَ - وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَتَهَلَّلُ، كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ". (21)

الدور القضائي للمسجد:

لقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يفصل بين الخصومات ويقضى بين المتخاصمين في مسجده -صلى الله عليه وسلم- ومضى الحال على ذلك في عهد الخلفاء الراشدين من بعده.

بوب البخاري في صحيحه: (باب من قضى ولاعن في المسجد). (22)

ثم قال: ولاعن عمر عند منبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقضى شريح والشعبي ويحيى بن يعمر في المسجد، وقضى مروان على زيد بن ثابت باليمين عند المنبر، وكان الحسن وزرارة بن أوفى يقضيان في الرحبة خارجًا من المسجد، ثم قال: باب من حكم في المسجد.

وقد مضت سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقضاء في المسجد ومن ذلك:

حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ فِي المَسْجِدِ فَنَادَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعًا قَالَ: أَبِكَ جُنُونٌ؟ ، قَالَ: لاَ، قَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ. (23).

ولقد كان المسجد على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- مكانًا للإصلاح بين المتخاصمين

 فمن حديث كَعْبٍ، أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي المَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، فَنَادَى: يَا كَعْبُ قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ:

 أَيِ الشَّطْرَ، قَالَ: لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: قُمْ فَاقْضِهِ. (24)

واجبنا نحو المساجد وحقوقها علينا:

إن إحياء رسالة المسجد واجب علينا جميعًا، كُلُّ على حسب مجاله وتخصصه

ومن هذه الواجبات تجاه المسجد:

أولا: صيانة المساجد عن الأذى والقذر وتعهدها بالحفظ والرعاية وعدم إهانتها بقول أو فعل أو إقرار كما علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: مَهْ مَهْ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: لَا تُزْرِمُوهُ دَعُوهُ فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ، وَلَا الْقَذَرِ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: فَأَمَرَ رَجُلًا مِنَ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَشَنَّهُ عَلَيْهِ. (25)

قال النووي: يحرم البول والفصد والحجامة في المسجد في غير إناء، ويكره الفصد والحجامة فيه في إناء ولا يحرم، وفي تحريم البول في إناء في المسجد وجهان: أصحهما يحرم. (26)

ويدخل في ذلك إلقاء النجاسات والقاذورات المختلفة، بل ومما تكرهه النفوس كتقليم الأظفار وحلق الشعر وطرح المخلفات وغيرها.

وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: أَمَرَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ، وَأَنْ تُنَظَّفَ، وَتُطَيَّبَ. (27)

ثانيا: صيانة المساجد عما يؤذى الناس ومن ذلك:

أ ـــ تصان المساجد عن البزاق والنخامة فيها؛ لحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: البُزَاقُ فِي المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا. (28)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ رَبِّهِ فَيَتَنَخَّعُ أَمَامَهُ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يُسْتَقْبَلَ فَيُتَنَخَّعَ فِي وَجْهِهِ؟ فَإِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ، تَحْتَ قَدَمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَقُلْ هَكَذَا وَوَصَفَ الْقَاسِمُ، فَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ مَسَحَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ. (29)

ب ــــ أن تصان عن أن يدخلها من أكل ثومًا أو بصلًا أو ما في معناهما مما له رائحة كريهة من المأكولات وغيرها، أو يتعاطى شرب الدخان، أو كان قذر الثياب منتن الرائحة؛ لأنه يؤذي إخوانه المسلمين بما يصدر منه من روائح مستقذرة لحديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ، الثُّومِ - وقَالَ مَرَّةً: مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ ". (30)

ومن باب أولى في هذا الزمان هذه الآفة والتي مما عمت بها البلوى دخول المدخنين المساجد برائحة كريهة حاملين لهذا الخبث دون استحياء من الله.

جـ ـــ الاحتراز عند دخول المساجد بشيء قد يؤذي الناس من سلاح ونحوه، فعَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: " إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا، أَوْ فِي سُوقِنَا، وَمَعَهُ نَبْلٌ، فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا، - أَوْ قَالَ: فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ -، أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنَ المُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيْءٌ ". (31)

وأما إقراره -صلى الله عليه وسلم- الحبشة على لعبهم بالحراب والسيوف في المسجد يوم العيد فهو مخصوص بما أقره -صلى الله عليه وسلم- من جهة التدريب على الحرب، والتمرين فيه والتنشيط عليه، فهو من باب المندوب، ويلتحق به ما في معناه من الأسباب والوسائل المعينة على الجهاد وأنواع البر. (32)

د- أن تصان عن رفع الأصوات فيها، فمن طبيعة المساجد أنها دار للعبادة والتقرب إلى الله عز وجل وهذا يتطلب جوًا من الخشوع والهدوء لا يناسبه أن يرفع الناس أصواتهم، ويتأكد المنع إذا كان في رفع الصوت تشويش على المصلين وشغل لهم عن العبادة والخشوع فيها.

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لِيَلِنِي مِنْكُمْ، أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثَلَاثًا، وَإِيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الْأَسْوَاقِ. (33)

وعن السائب بن يزيد قال: كنت قائما في المسجد فحصبني رجل فنظرت فإذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: اذهب فأتني بهذين، فجئته بهما، قال: من أنتما أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. (34)

قال ابن رجب: ورفع الأصوات في المسجد على وجهين:

أحدهما: أن يكون بذكر الله وقراءة القرآن والمواعظ وتعليم العلم وتعليمه، فما كان من ذلك لحاجة عموم أهل المسجد إليه، مثل الأذان والإقامة وقراءة الإمام في الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة، فهذا كله حسن مأمور به. . . وما لا حاجة إلى الجهر فيه، فإن كان فيه أذى لغيره ممن يشتغل بالطاعات كمن يصلي لنفسه ويجهر بقراءته، حتى يغلط من يقرأ إلى جانبه أن يصلي، فإنه منهي عنه.

الوجه الثاني: رفع الصوت بالاختصام ونحوه من أمور الدنيا، فهذا هو الذي نهى عنه عمر وغيره من الصحابة. (35)

ومن ذلك أيضا إصدار النغمات الموسيقية أو الأغاني عبر الهواتف المحمولة وغيرها من الأمور التي تحرم في كل مكان فضلاً عن المساجد

فهذا هو المسجد وهذه هي وظيفته فاعرفوا دوره وانهلوا من عطاءه يكن لكم أوفر الحظ والنصيب بإذن الله جلا وعلا.

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

---

(1) كيف نحيي رسالة المسجد شوقي عبد الله عبّاد

(2) رواه مسلم (671)

(3) شرح النووي على مسلم (5/ 171)

(4) أضواء البيان (8/ 321)

(5) مصنف ابن أبي شيبة (13/ 318)

(6) رواه البخاري (450) ومسلم (533)

(7) تفسير ابن رجب الحنبلي (1/ 490)

(8) تفسير ابن كثير ت سلامة (6/ 62)

(9) مجموع الفتاوى (35/39).

(10) أخرجه البخاري (620)، ومسلم (649).

(11) أخرجه البخاري ( 459 )، ومسلم (1558).

(12) انظر: دور المسجد في التربية والإعداد (ص117-119).

(13) الجامع لأحكام القرآن (13 / 347 - 348).

(14) أخرجه البخاري (66) ومسلم (2176)

(15) أخرجه مسلم برقم (2699).

(16) انظر: كيف نحيي رسالة المسجد؟ ، مقال لشوقي عبد الله عباد "مجلة البيان".

(17) أخرجه ابن ماجه ( 750 )، والبيهقي في الكبرى (20055 )، والطبراني في الكبير (8 / 132). من طرق عن واثلة بن الأسقع، وأَبِي الدَّرْدَاءِ، وأَبِي أُمَامَةَ ، وضعفه ابن الملقن في البدر المنير ( 9 / 565 )، وابن حجر في التلخيص الحبير ( 4 / 457 )، وقال الألباني في إرواء الغليل (7/362 ): إسناده ضعيف جدًّا.

(18) أخرجه البخاري (5650)، ومسلم (543).

(19) أخرجه البخاري ( 6011 )، ومسلم (2586).

(20) أخرجه البخاري (6452).

(21) أخرجه مسلم (1017).

(22) انظر: صحيح البخاري مع الفتح (13 / 154).

(23) أخرجه البخاري (7167).

(24) أخرجه البخاري (445 )، ومسلم (1558).

(25) أخرجه البخاري (219)، ومسلم (285) واللفظ لمسلم.

(26) المجموع شرح المهذب (2/ 175).

(27) أخرجه أبو داود (455)، والترمذي (594)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود  (479).

(28) أخرجه البخاري (405)، ومسلم (552).

(29) أخرجه مسلم برقم (550).

(30) أخرجه البخاري ( 854 )، ومسلم ( 564 ).

(31) أخرجه البخاري (6664)، ومسلم (2615).

(32) إعلام الساجد بأحكام المساجد، للزركشي (ص355).

(33) أخرجه مسلم (432). ومعنى هيشات الأسواق: اختلاطها.

(34) أخرجه البخاري (458).

(35)  فتح الباري لابن رجب (3/ 397- 399).