مختصر أحكام الصيام
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فهذا مختصر لطيف سريع في أحكام الصيام يمكن أن يقرأ في درس أو في حلقة، خال من التفصيلات ونحوها، والتي قد لا يستثيغها البعض.
أولاً: فضائل الصيام وخصائصه:
الصيام له فضائل وخصائص عظيمة على النحو التالي:
1- الصيام من الأعمال التي يُعِدُّ الله بها المغفرة والأجر العظيم.
2- الصيام خير للمسلم لو كان يعلم؛ لقول الله تعالى: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ {.
3- الصوم جُنة، يستجنُّ بها العبد المسلم من النار.
4- الصيام حِصْنٌ حصين من النار.
5- الصيام جُنّةٌ من الشهوات.
6- صيام يوم في سبيل الله يباعد الله النار عن وجه صاحبه سبعين سنة.
7- صيام يوم في سبيل الله يبعد صاحبه عن النار كما بين السماء والأرض.
8- الصوم وصية النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا مثل له.
9- الصوم يدخل الجنة من باب الريان.
10- الصيام من أول الخصال التي تُدْخِلُ الجنةَ.
11- الصيام كفارة للذنوب.
12- يوفَّى الصائمون أجرهم بغير حساب.
13 - للصائم فرحتان: فرحة في الدنيا، وفرحة في الآخرة.
14 - خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
15- الصيام والقرآن يشفعان لصاحبهما يوم القيامة.
16 - الصوم يزيل الأحقاد والضغائن والوسوسة من الصدور.
17- من خُتِمَ له بصيام يومٍ يريد به وجه الله أدخله الله الجنة.
18- الصائم له دعوة لا تُردُّ حتى يفطر.
ثانياً: شروط الصيام:
1- الإسلام. 2- البلوغ. 3- العقل. 4- القدرة على الصوم. 5- الإقامة.
6- الخُلوُّ من الموانع ( مثل الحيض والنفاس للمرأة ).
ثالثاً: الأعذار المبيحة للفطر في نهار رمضان:
أولاً: المرض، وهو نوعان:
1- مرض يُرجى برؤُه والشفاء منه: فهذا رخص الله له في الفطر، وأوجب عليه قضاء الأيام التي أفطرها. والمريض في شهر رمضان له ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن لا يَشقَّ عليه الصوم ولا يضره، فيجب عليه الصوم؛ لأنه ليس له عذر يبيح له الفطر.
الحالة الثانية: أن يشق عليه الصوم ولا يضره، فيفطر، ويكره له الصوم مع المشقة؛ لأنه خروج عن رخصة الله تعالى، وتعذيب لنفسه.
الحالة الثالثة: أن يضرَّهُ الصوم، فيجب عليه الفطر، ولا يجوز له الصوم.
وإذا برئ في نهار رمضان وقد أفطر أول النهار للعذر لم يصح صومه ذلك اليوم؛ لأنه كان مفطراً أول النهار؛ ولا يجب عليه الإمساك بقية يومه، وإنما يستحب، ويجب عليه القضاء بعدد الأيام التي أفطرها.
وإذا ثبت عن طريق الطبيب الثقة المسلم الحاذق الموثوق بدينه وأمانته أن الصوم يجلب له المرض أو يزيد مرضه، ويؤخر بُرْأَه؛ فإنه يجوز له الفطر، محافظةً على صحته، واتقاءً للمرض، ويقضي عن هذه الأيام التي أفطرها.
النوع الثاني: المريض العاجز عن الصيام عجزاً مستمراً لا يُرجى زواله: كالكبير الهرم، والمريض الذي لا يُرجى برؤه، وذلك بإخبار الطبيب المسلم الثقة الحاذق، فحينئذٍ لا يجب على هذا العاجز الصيام؛ لأنه لا يستطيعه لكن يجب عليه أن يطعم بدل الصيام عن كل يوم مسكيناً.
ويُخيَّر العاجز عن الصيام، لكبرٍ، أو مرضٍ لا يُرجى برؤه في صفة الإطعام بين أمرين:
الأمر الأول: يفرِّق طعاماً على المساكين، لكل مسكين نصف صاعٍ على الصحيح ( تقريباً كيلو ونصف أرز لكل مسكين، أو تقدير ما يساويه مالاً وإعطائه لجمعية خيرية وهي تطعم عنه ).
الأمر الثاني: يجوز أن يُصلحَ طعاماً، ويدعوَ إليه من المساكين بقدر الأيام التي عليه.
ويجوز له أن يعطي الطعام كله لمسكين واحد، أو لعدة مساكين. ويجوز له أن يخرجه أول الشهر أو أوسطه أو آخره.
النوع الثالث: المسافر مسافة قصر الصلاة:
ولا يفطر المسافر إلا إذا فارق عامر بيوت قريته، أو مدينته، وجعلها وراء ظهره، إذا كان سفره تقصر في مثله الصلاة.
إقامة المسافر التي يفطر فيها ويقصر فيها الصلاة: إذا نوى المسافر الإقامة أثناء سفره في بلد أكثر من أربعة أيام، فإنه يُتِمُّ الصلاة، ويصوم إذا كان في رمضان.
حكم صوم المسافر على ثلاث حالات:
الحال الأولى: أن يشق الصيام عليه مشقة شديدة غير محتملة بحيث لا يستطيع تحملها، أو يضره الصيام فيجب عليه أن يفطر، ويحرم عليه الصوم.
الحال الثانية: أن يَشُقّ عليه الصيام مشقّة يسيرة محتملة، بحيث يستطيع تحملها، ولكن الفطر أرفق به، فيستحب له أن يفطر، ويكره له الصوم.
الحال الثالثة: أن لا يشقّ عليه الصيام مطلقاً: لا مشقة شديدة ولا مشقة يسيره، بل والصوم سهل يسير عليه، والفطر سهل يسير عليه، وقد تساوى الأمران ولا فرق بينهما، ففي هذه الحال يجوز له أن يصوم، ويجوز له أن يفطر.
النوع الرابع: الحائض والنفساء:
إذا حاضت المرأة أو نفست: أفطرت، فإن صامت لم يجزئها، ويجب عليها القضاء.
وإذا طهرت قبل الفجر وجب عليها الصيام، وإن كانت ستغتسل بعد الفجر.
النوع الخامس: الحامل والمرضع: يجوز لهما الفطر والقضاء بعد ذلك، فإن لم تستطع القضاء فعليها إطعام مسكين عن كل يوم ( المسكين الواحد كيلو ونصف أرز ).
النوع الثامن: من غلبه الجوع أو العطش الشديد الذي يخاف معه الهلاك على نفسه. ( أفطر وأطعم مسكينا عن كل يوم ).
رابعاً: مفسدات الصيام أو المفطرات:
1- الأكل أو الشرب عمداً وليس نسياناً. ( فمن فعل ذلك أفطر وعليه إمساك بقية يومه وعليه القضاء والتوبة ).
2- الجماع في نهار رمضان. ( فمن فعل ذلك أثم وعليه إمساك بقية يومه وقضاء هذا اليوم والكفارة المغلظة وهي: صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فعليه إطعام 60 مسكيناً لكل مسكين كيلو ونصف أرز، أو إخراج ما يساوي ذلك مالاً لجمعية خيرية وهي تطعم عنه ).
وعلى زوجته مثل ذلك إن كانت مطاوعة له، فإن كانت مكرهة فليس عليها شيء، والأحوط أن تقضي هذا اليوم، وليس عليها كفارة.
3- إنزال المني باختياره، سواء بقبلة، أو ملامسة أو غير ذلك. ( فعليه إمساك بقية اليوم والقضاء فقط بدون كفارة لأنه ليس جماعاً ).
4- ما كان بمعنى الأكل أو الشرب، وهما شيئان:
الأول: نقل الدم للصائم. الثاني: الإبر المغذِّية التي يُكْتَفَى بها عن الأكل والشرب.
وأما الإبر غير المغذية التي يعالج بها الإنسان فهي غير مفطِّرة، سواء: تناولها عن طريق العضلات، أو عن طريق العروق، والوريد؛ لأنها ليست أكلاً ولا شرباً.
5- الحجامة والتبرع بالدم: فيهما خلاف والراجح أنه لا يفطر، والأحوط فعله بالليل.
6- التقيؤ عمداً: ( فمن تعمد القيء فعليه القضاء )، ومن غلبه القي فلا شيء عليه.
7- خروج دم الحيض والنفاس: ( ولو قبل المغرب بدقيقة )، والعبرة بنزول الدفعة من الدم وليس بوجع البطن أو ألم الظهر أو غير ذلك.
8- نية الإفطار: فمن نوى الإفطار فقد أفطر؛ لأن النية أحد ركني الصيام، فإذا نوى الفطر فسد صومه؛ لأنه قطع النية، حتى وإن لم يأكل أو يشرب.
خامساً: مباحات الصيام:
1 - الصائم يُصبح جنباً.
2- المضمضة والاستنشاق للصائم في الوضوء والغسل بدون مبالغة.
3- اغتسال الصائم، وصبّ الماء البارد على الرأس من العطش أو الحر.
4- تذوق الطعام للصائم عند الحاجة لذلك.
5- القبلة للصائم إذا وثق بنفسه وأمن الوقوع في ما حرم الله تعالى.
6- شمُّ الروائح الطيبة لا بأس به للصائم، إلا أنه لا يستنشق دخان البخور لأن فيه خلافاً.
7- إذا أكل الصائم أو شرب ناسياً، فلا قضاء عليه ولا كفارة.
8- ما يعرض للصائم بغير اختياره كدخول الماء أو الغبار أو الذباب أو غيره الجوف.
9- تحليل الدم، وضرب الإبر التي ليس فيها غذاء ولا يقصد بها التغذية.
10- البخ في الفم أو الأنف لأصحاب مرض الربو، لا بأس به.
11- لا بأس بتنظيف الأسنان بالمعجون؛ فإنه لا يفطر الصائم كالسواك، ولكن يحتاط الصائم من دخول شيء إلى الجوف.
12- وضع المراهم على الجلد، وأخذ اللبوس، والكشف النسائي للمرأة، والحقنة الشرجية كل ذلك جائز.
سادساً: مكروهات الصيام:
1 - المبالغة في المضمضة والاستنشاق.
2- القُبلة، تكره ممن تتحرك شهوته عند ذلك، ويخشى على نفسه من الوقوع في الحرام.
3- المباشرة باللمس، والمعانقة، ودواعي الوطء: كاللمس، وتكرار النظر بالتلذذ، حكمها حكم القبلة كما تقدم عند جمهور الفقهاء.
4- بلع النخامة؛ لأنها مستقذرة، وفيها ضرر على الصائم وغير الصائم، والصائم أولى، ولكن لا تفطر الصائم.
تنبيه: قطرة العين، والأذن، والكحل، لا تفطر الصائم في أصح قولي العلماء، ولكن استعمال: قطرة العين، وقطرة الأذن، والكحل في الليل أفضل خروجاً من الخلاف.
أما قطرة الأنف ففيها خلاف والراجح أنها تفطر الصائم.
سابعاً: آداب الصيام المستحبة:
1- تأخير السحور. 2- تعجيل الإفطار بعد تحقق غروب الشمس.
3- السنة الإفطار على رطب، فإن عُدِمَ فتمر ثم الماء.
4- أن يدعو عند الإفطار بقوله: ((ذهب الظمأ، وابتلَّت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله))، والدعاء أثناء الصيام.
5- تفطير الصائمين فيه الأجر الكبير حتى ولو كانوا أغنياء، ولو على شيء يسير من التمر أو الماء أو اللبن.
6- كثرة القراءة والذكر، والدعاء، والصلاة، والصدقة، والعمرة.
7- استحضار نعمة الله عليه بتوفيقه له بالصيام. 8- السِّواك: يُستحبُّ السِّواك في جميع الأوقات للصائم وغير الصائم.
9- كفُّ الجوارح، عن فضول: الكلام، والسمع، والنظر، والمنام، وعن كل ما يشغله عن طاعة الله تعالى.
10- صلاة التراويح مع الجماعة.
11- يستحب للصائم إذا شتمه أحد أو سابَّه أن يقول: إني صائم.
ثامناً: أخطاء بعض الصائمين:
1- عدم التفقه في أحكام الصيام والقيام. عدم الاستحياء من الله حق الحياء بفعل المعاصي.
3- الإسراف والتبذير في إعداد المأكولات والمشروبات.
4- النوم وقت السحر، فيخسر غذاء روحه وهو الاستغفار.
5- عدم صلاة الفجر، إما بالنوم عنها، أو صلاتها بعد وقتها، أو صلاتها في المنزل.
6- النوم معظم النهار. 7- ضياع الأوقات ما بين نوم، وقيل وقال.
8- إهمال قراءة القرآن والانشغال عنه وحرمان أجره.
9- ترك الدعاء عند الفطر وفي أثناء الصوم.
10- ترك صلاة المغرب في المسجد، والانشغال بالإفطار.
11- نقر صلاة التراويح.
تاسعاً: قضاء الصيام:
قضاء الصيام لمن يلزمه القضاء له أنواع على النحو التالي:
1- من أفطر يوماً أو أكثر من شهر رمضان بغير عذر، وجب عليه التوبة والاستغفار والقضاء فوراً.
2- يجوز التفريق في قضاء رمضان، لمن أفطر بعذر ولكن يستحب التتابع.
3- القضاء على الفور لمن أفطر بعذر أفضل، ولكن يجوز التراخي.
4- يجوز تأخير القضاء إلى شعبان قبل رمضان الآخر، مع وجوب العزم على فعل القضاء.
5- لا يجوز تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر بغير عذر.
6- إذا أخر القضاء إلى رمضان آخر لعذرٍ: لا شيء على من أخّر القضاء إلى إدراك رمضان الآخر؛ لعذر.
7- ومن أفطر في رمضان بعذر ثم اتصل عجزه ( أي ظل مريضا ) فلم يتمكّن من الصوم حتى مات فلا صوم عليه، ولا يُصام عنه ولا يُطعم عنه.
8- قضاء الصيام عن الميت، فإذا أخَّر المسلم قضاء الصوم الواجب عليه، من رمضان أو غيره بغير عذر حتى مات، وقد أمكنه القضاء ولم يقضِ، صام عنه وليه ولا يجب بل يُستحب، فإذا لم يصم ولي الميت عنه أُطعم عنه عن كل يوم مسكيناً ( لكل مسكين كيلو ونصف أرز ).
عاشراً: عقوبة من أفطر في رمضان بغير عذر:
عن أبي أمامة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-(( بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعي (تحت الإبط)، فأتيا بي جبلاً وعراً، فقالا: اصعد، فقلت: إني لا أطيقه، فقالا: إنا سنسهله لك، فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل (وسط الجبل) إذا بأصوات شديدة، قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: عُواءُ أهل النار، ثم انطلق بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم(أسفل القدم)، مشققة أشداقهم(أفواههم)، تسيل أشداقهم دماً، قال: قلت: ما هؤلاء؟ قال: الذين يفطرون قبل تَحِلَّةِ صومهم)). (أي قبل أن يحلّ لهم الفطر بالأذان أو بانتهاء الشهر ). رواه ابن خزيمة وهو صحيح.
هذا ما تيسر جمعه فنسأل الله العلم النافع والعمل الصالح
إعداد / محمود بن عبد الحكيم رحمة