ملف العدد
الإنترنت وأعمال البر
لا شك أن شبكة المعلومات الإلكترونية قد فرضت نفسها على الواقع وهي وسيلة من الوسائل فقد تستعمل في الحق أو في الباطل، لذا لابد من الحذر في استعمالها في غير الحق، ولأنها وسيلة لا رقيب عليها ولا قيد، فقد يستثمرها البعض في الإضرار وتحصيل مآرب أخرى غير نافعة. فليتق الله كل مسلم ولا يحول هذه الوسيلة إلى وسيلة لنشر الفساد وابتزاز أموال الناس والدعوة للرذيلة وليراقب ربه وهو في خلوته ولا يراه أحد إلا الله، والله مطلع على ما في صدره وما تكنه نفسه وما يسطر قلمه {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد: 4]،
وقال سبحانه: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضَى مِنَ القَوْلِ وَكانَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطًا } [النساء: 108].
لقد جعلت ما يعرف بثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات العالم كله كأنه قرية واحدة يسهل الاتصال بين سكانها بسرعة مذهلة عبر البريد الإلكتروني والشبكة العنكبوتية (الإنترنت) التي أصبحت في السنوات الأخيرة من أبرز وسائل الإعلام والاتصال والتواصل الإنساني، فهي أسرع وسيلة لنقل المعرفة صوت وصورة ونص؛ وبذلك تفوقت على وسائل الإعلام الأخرى.
وعبر الإنترنت التي يستخدمها مئات الملايين في العالم يبرز دور العمل الخيري والإنساني وبخاصة في مجال الإغاثة الإنسانية فقد أصبح من اليسير أن نتعرف على أماكن الكوارث الإنسانية من زلازل وفيضانات وقت حدوثها ومعرفة حجم الكارثة والخسائر وعدد المشردين وعدد البيوت المهدمة؛ وذلك يفيد في التخطيط الجيد لحملة الإغاثة لهذه المنطقة. والإنترنت يمكن أن تفيد أيضا في التواصل المستمر مع الشعوب المختلفة وتقدير احتياجاتها من المشروعات الخيرية والتنموية والكفالات ونقل هذه الاحتياجات إلى أصحاب الأيادي الخيرة في العالم.
فلا يترك المسلم وسيلة للخير إلا طرق أبوابها وسعى إليها، ولهذا يجب أن نستفيد من الإنترنت والتقنيات الحديثة كوسيلة من وسائل دعم العمل الخيري، وكطريق سريع لصناعة الخير.
ولقد أصبح التبرع عن الطريق الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة من وسائل التعجيل بالبر والعمل الصالح، وهي من أسرع الوسائل لإدخال السرور على المسلم.
مميزات شبكة الإنترنت:
1- سرعة وضمان انتقال المعلومات: حيث يستطيع أي فرد أن يرسل خطابًا إلى ملايين الأفراد في وقت واحد من خلال الإنترنت، بعكس البريد العادي الذي يستغرق أيامًا بل أسابيع، والعكس صحيح أيضًا، إذ يستطيع ملايين الأفراد تعرف معلومة معينة أو رسالة أو نبأ في وقت واحد إذا عرفت مكانها، وهذا هو المتبع في وكالات الأنباء العالمية، مثل CNNوغيرها.
حيث تضع الأخبار والنشرات الجوية على أجهزة الكمبيوتر، ويستطيع ملايين الناس الحصول على هذه الأخبار دون انتظار.
2- سرية المعلومات: وهذه السرية تأتي من أن كل جهاز مرتبط بالإنترنت له رقم خاص به أو اسم معروف به، وبالتالي يستطيع أي فرد أن يرسل رسالة إلى جهاز بعينه ويضمن أنها خزنت بداخله، ويطمئن إن كانت وصلت أم لا، ووقت الاستلام، ويستطيع المرسل إليه الرد الفوري على الرسالة.
3- تبادل المستندات: يمكن إرسال واستقبال أي مستند من أي جهاز كمبيوتر مرتبط بالإنترنت مهما كان نوع المستند وحجمه، سواء كان خطابًا أو مذكرةً أو كتابًا أو شريط كاسيت أو فيديو
4- الحديث والمشاورة وعقد المؤتمرات: لا تحتاج إلى شراء كمبيوتر خاص أو أجهزة اتصال معتمدة، فأي جهاز كمبيوتر يصلح ما دام تم ربطه بخط تليفون، ولا يحتاج الإنترنت إلى مستوى علمي أو فني عال للتشغيل.
5-التسوق من خلال شبكة الإنترنت:
يمكن طلب مختلف أنواع البضائع التي ترغب الحصول عليها دون الذهاب إلى السوق أو مغادرة البيت. فيمكن شراء مختلف المواد كالكتب وغيرها.
7-مجموعات النقاش:
يمكن الاشتراك مع مجموعات النقاش من خلال شبكة الإنترنت للالتقاء بمختلف الأفراد والشخصيات حول العالم ممن لهم الاهتمامات ذاتها. ويمكن توجيه أسئلة إليهم أو تقديم أفكار أو مناقشة قضايا هامة
8- تحويل الطاقات الشبابية ووقت الفراغ لعمل نافع يفيد الشاب نفسه قبل إفادة المجتمع، كذلك فهو يحل مشكلة المكان؛ فقد أصبح لا وجود لها في ظل العمل التطوعي الإلكتروني؛ وبالتالي اختفت مشكلة وسائل الانتقال والمواصلات.
9- وجود مشاركة متطوعين من مناطق ودول مختلفة، وكذلك أتاح فرصة للنساء للعمل به خصيصا لمن لا تريد الاختلاط والعمل على أرض الواقع، وأيضا عدم تحمل المتطوع فوق طاقته، فعندما يحب أن يستريح فهذا أصبح بإرادته ووقتما يشاء، ويتيح له حرية اختيار الزمان والمكان المناسب له، كما أنه يمنع التضارب، ويحول دون الإحباط. .
10- أما الميزة الكبرى به، فهي أن هناك بعض الحالات الإنسانية التي تمنع محبي التطوع من التطوع التقليدي، مثل: الإعاقات الجسمية، فمن خلال الإنترنت يستطيع أن يتحدى إعاقاته من خلال مشاركاته الفعالة مع أصحابه(1).
أسباب إنشاء مواقع العمل الخيرى:
وحول الهدف من إنشاء موقع للأعمال الخيرية كانت المسببات التالية:
1- السرعة والدقة في توصيل المعلومات والبيانات المتعلقة بمشروعات وكفالات العمل الخيري سواء لمناطق العمل أو للمتبرعين والجهات الداعمة.
2- التواصل الإلكتروني مع المتبرعين وإطلاعهم على الجديد في العمل الخيري من خلال النشرات الدورية التي يتم إرسالها إلى البريد الإلكتروني.
3- توسيع دائرة اختيارات المتبرعين للمشروعات والكفالات التي يرغبون التبرع لها بعرض كم كبير من المشروعات والكفالات قد لا يتسع لها الإعلاميات المطبوعة.
4- المتابعة المستمرة للمشروعات التي تم تنفيذها بنشر معلومات عن مراحل تنفيذ المشروع المتبرع له أو مراحل كفالة المكفول الذي تمت كفالة وعرض التقارير الدورية للمشروعات والكفالات.
5- نشر أخبار العمل الخيري وإنجازاته ومتابعة ما ينشر في الصحف ووسائل الإعلام.
6- دعم التواصل والتعاون مع المؤسسات الخيرية في العالم الإسلامي.
أهم الأعمال التطوعية التي يمكن للمتطوع أن يقوم بها من خلال وسيلة الإنترنت
1 - التفكير في إنشاء مواقع إسلامية تخدم قضايا لم تطرح في مواقع أخرى أو التخصص في جانب معين من أمور الإسلام.
2 - تكون فريق عمل يخدم المواقع الموجودة بالكتابة أو غير ذلك من وسائل الخدمة.
3 - من له لمسة إبداع في التصميم أو الفلاش أو الفيديو فلينزل للمواقع ويبدأ في الخدمة والتعاون ولو كان بمبلغ مالي.
4 - دعم المواقع ماديًا وهذه مهمة أصحاب الأموال؛ لأن المواقع تدفع أموالًا للشركة المستضيفة لها وللموظفين وللإعلانات وغيرها من حاجيات المواقع.
5 - فتح مجال التخفيض لأجل الإعلانات لأصحاب المواقع الإسلامية في الجرائد أو القنوات أو بعض المواقع الإعلانية.
6 - دعوة العلماء وأصحاب الأقلام للكتابة في المواقع والمشاركة بالإجابة على الفتاوى والاستشارات.
7 - توضيح أنشطة المواقع ودورها في نفع الناس عبر وسائل الإعلام.
8 - الاستفادة من المقالات والفتاوى الموجودة في المواقع ونقلها إلى المنتديات والمواقع الأخرى لينشر الخير.
9 - نقل الصلوات والمحاضرات عبر البث المباشر، ولقد انتفع بهذه الوسيلة المئات، وخاصة المسلمون في البلاد البعيدة.
10 - رفع المواد الصوتية من تلاوات ومحاضرات لتتم الاستفادة منها بالسماع.
11 - تغطية الفعاليات الدعوية التي تكون في المدن والمحافظات وتنزيل ذلك في المواقع والمنتديات وفي ذلك إبراز للأنشطة وإعلان لها.
12 - الاستفادة من البريد الإلكتروني في نشر المفيد من الأخبار والمقالات والصور وغيرها، مع الحرص على عدم نشر المواد غير الموثوق منها أو التي تحوي مبالغات أو أحاديث لا تصح.
13 - مراسلة المواقع بالنقد والنصيحة، مع التزام الأدب والإنصاف في النقد.
14 - الإعلان عن المحاضرات والأنشطة عبر المواقع مما يكون سببًا في نشر الوعي بها ومعرفتها.
15 - الإعلان عن المواقع المتميزة في المجالس والمنتديات واللقاءات.
16 - الاهتمام بالمرأة عبر المواقع المتخصصة لها، والتي تراعي حاجياتها وشئونها ومسائلها كل ذلك بتصميم متميز وبرمجة رائقة تناسب متطلبات التقنية.
17 - العناية بالرد على أصحاب الفكر الضال من علماني أو ليبرالي أو تكفيري أو مبتدع منحرف وتأصيل الرد بأدلة الكتابة والسنة مع مراعاة فقه التعامل مع المخالف.
18 - الاهتمام بأحوال المسلمين وأخبارهم مع الحرص على الخبر الموثوق الذي يعتمد على الدليل القاطع.
19 - إنشاء ملفات خاصة بحَدث معين أو موسم معين كما تفعله بعض المواقع، وفائدته: " جمع أهم ما يتعلق بالحدث من مواد مكتوبة أو صوتية ".
وهكذا لا يترك المسلم وسيلة للخير إلا طرق أبوابها وسعى إليها، ولهذا يجب أن تستفيد من الإنترنت والتقنيات الحديثة كوسيلة من وسائل دعم العمل الخيري والطريق السريع لصناعة الخير.
فصناعة الخير لا تنتهي من حياة المسلم، فهو بينها يتقلب، يغرس شجرة الخير في كل مكان وبكل الوسائل المشروعة(2)
---
(1) انظر: الاستفادة من الإنترنت في العمل الخيرى الدكتور جاسم مهلهل الياسين، الإنترنت وتطبيقاته في العملية التعليمية، والتطوع عبر الإنترنت يزيل العقبات.
(2)باختصار وتصرف من موسوعة التطوع لفضيلة الشيخ أحمد بن سليمان.