ملف العدد
وقفات مختصرة مع منكرات الأفراح
الحمد لله رب العالمين. . . أما بعد؛ فهذه وقفات مختصرة مع منكرات الأفراح في هذه الأيام ننصح بقراءتها في الدروس وتذكير الناس بها في الخطب والمواعظ
ولما كانت منكرات الأفراح كثيرة حيث اشتد الخطب وعظم الأمر وصعب تعداده في مثل هذه الورقات فإني أقدم بمقدمات أربع يندرج تحتها ما لم أذكره في هذه الوقفات وهذه المقدمات كما يلي:
أولًا- الزواج نعمة من الله علينا ومن شكر النعمة زاده الله عطاء ومن كفر النعمة فإن عذاب الله شديد قال تعالى: وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد. وشكر النعمة أن يستعان بها على الطاعة لا على المعصية وألا تكون سببا لمعصية والناظر في حال الأعراس يرى استخدام النعمة في المعصية كما هو مشاهد.
ثانيًا – زواج المسلمين طاعة يتعبدون بها لله تعالى استجابة لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- يا معشر الشباب. . . الحديث. والطاعة صدق مع الله في الوعد والعزم وإخلاص في القصد واتباع لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- والمتأمل حال الأعراس لا يرى في أكثرها وأكثر ما فيها إلا طاعة للشيطان فأين الطاعة فيما نراه؟
ثالثًا- من سرته حسنه وساءته سيئته فهو مؤمن؛ ففرح المؤمنين بطاعة الله تعالى وبفعل الحسنات وأما الفاجر والمنافق فإنما يسر بما يوافق هواه فهذا الذي يحدث لو سميناه بالحقيقة لكان حزنا يفتت الكبد فعلى المسلم أن يقيس إيمانه بفرحه وحزنه.
رابعًا – من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء. إذا كان هذا فليعلم صاحب العرس ومنظمه أن كل معصية دقت أو عظمت فإنها تؤول إلى صحيفته وميزانه لأنه هو الداعي إليها والمسئول عنها فهل يليق بك أيها المسلم العفيف أن يكتب في صحيفتك نظر إلى النساء أو لمس أو تواعد أو زنى أو شرب خمر ومسكر ات. . . الخ؟
وبعد هذه المقدمات أشرع في المقصود بإذن الله تعالى فأقول إن فراحنا مليئة بالمخالفات والمنكرات؛ ومنها.
1- قراءة الفاتحة عند الخطبة: قراءة الفاتحة عبادة ولا يصح أن نجعلها عادة ولم يأت في الشرع ما يدل على قراءتها عند الخطبة أو عند العقود فقراءة الحاضر الفاتحة بعد الدعاء أو بعد قراءة القرآن، أو قبل الزواج بدعة؛ لأن ذلك لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من صحابته -رضي الله عنهم-، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ()
2- لبس دبلة الخطوبة؛ جرت عادة بشراء ولبس ما يسمى بدبلة الخطوبة وهي من الأخطاء وفيها محاذير
الأول- أنها من تقاليد النصارى ومن تشبه فهو منهم
الثاني- أنهم يعتقدون أنها تسبب محبة بين الزوجين فإنها تكون في هذه الحالة "تميمة" وهى محرمة.
الثالث- التشاؤم من خلعها.
قال ابن عثيمين: والدبلة خاتم يشترى عند الزواج يوضع في يد الزوج وإذا ألقاه الزوج قالت المرأة أنه لا يحبها فهم يعتقدون فيه النفع والضرر ويقولون أنه ما دام في يد الزوج فإنه يعنى أن العلاقة بينهما ثابتة والعكس بالعكس، فإذا وجدت هذه النية فإنه من الشرك الأصغر فإن المسبب للمحبة هو الله وإن لم توجد هذه النية - وهى بعيدة ألا تصاحبها - ففيه تشبه بالنصارى فإنها مأخوذة منهم.
وإن كانت من الذهب فهي بالنسبة للرجال محظور ثالث وهو لبس الذهب.
فهي من الشرك أو مضاهاة للنصارى أو تحريم النوع إذا كانت للرجال.
الرابع- أن الخاطب يُمسك بيد المخطوبة ويُلبسها الخاتم أو الدبلة وهذا حرام بلا شك. فليس للخاطب أن يمس يد المخطوبة لأنها مازالت أجنبية عنه.
3- زيارة الخاطب لمخطوبته كل يوم: بحيث يجلس معها الساعات الطوال ينظر إليها وتنظر إليه وقد استقر في نفس كل منهما الرضا بالآخر وهذا النظر منهما للمتعة والشهوة والهوى لا لأجل الخطبة فقد تمت الخطبة وهذا لا يجوز لأنها لا تزال أجنبية عنه، والنظر إلى الأجنبية حرام وإنما أبيح النظر لمصلحة الخطبة فإذا تمت عاد الحظر كما كان والله أعلم.
4- الإلزام بالهدية في المواسم والأعياد؛ أصل التهادي مباح وهو مما يجلب المودة ولكنهم جعلوه إلزاما وفي اوقات معينة جعلوها أعيادا بحث يلزم الخاطب بتقديم هدايا أو مال في الفترة الممتدة بين الخطبة والبناء في أوقات معينة وهى ما تعرف بالمواسم كالمولد النبوي، الإسراء والمعراج،. . . وغير ذلك. وهذا كله مما يرهق الشباب ويثقل كاهله. وهذا من البدع وفي فتاوى اللجنة الدائمة: أن إرغام الزوج بهذه الهدايا يُثقل كاهله وقد تُسبب مشاحنات عند البعض إذا لم يقدمها أو لم يعتن ويغالي في ثمنها وكل هذا لا يجوز. علماً بأن أصل التهادي مباح ومستحب، لكن بلا تخصيص مناسبات. ()
5- الخروج والخلوة بالمخطوبة: لقد ازداد الأمر سوءًا عندما أذن أهل البنت للخاطب في الخروج بها والخروج مظنة الخلوة والخلوة مظنة الشر وما كان سببا إلى الحرام فهو حرام ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- "ولا يخلون رجل بامرأة وإلا كان ثالثهما الشيطان(). . . فالتحذير من الخلوة من دين الله تعالى حتى لو تعارف الناس عليها؛ فالعرف الذي يتعارض مع الشرع عرف فاسد مهدر الكرامة لا قيمة له. ()
6-الخطبة على الخطبة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: وَلاَ يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ().
7- اشتراط وضع يد كل من العاقدين في يد الآخر ووضع المنديل على يد كل من الولي والزوج: ويصرون عليه وإذا لم يوجد المنديل خلع بعضهم غطاء رأسه ليوضع على يد العاقدين وكأنها عورة يجب سترها ويزداد الأمر شرًا عندما يعتقد الناس أن في هذا المنديل خصوصية في إحبال النساء اللاتي تأخر حملهن ويسمون تلك المرأة مكبوسة فتأتي لتجلس بين الرجل لتفك يد الرجلين وتأخذ المنديل الذي يحمل مصل اللقاح بعد فقد الأمل! ()
8- التوبة الجماعية: والتي يطلب المأذون أو إمام المسجد من الحضور أن يقولوا "تبنا إلى الله ورجعنا إلى الله وندمنا على ما فعلنا وعزمنا. . . إلى آخر ما يقول ومن العجيب أنهم ما زالوا مصرين على الذنوب من التدخين والمخدرات وقطيعة الرحم وأكل أموال الناس بالباطل وتبرج النساء والإنفاق عليه. . الخ والشيخ يلقنهم الكذب ليقولوا تبنا ولم يتوبوا فتكون توبتهم ذنبًا يحتاج إلى توبة إلا أن يكون الملقن قد استعار من الكنيسة شيئًا غير قليل من صكوك الغفران لكن لا أدري هل أعطوها له صدقة أم شتراها وعلى العموم هذه توبة الكذابين تحتاج إلى توبة وَعَنِ (الفضيل) رَحِمَهُ اللَّهُ: اسْتِغْفَارٌ بِلَا إِقْلَاعٍ تَوْبَةُ الْكَذَّابِينَ. وَعَنْ (رابعة العدوية) رَحِمَهَا اللَّهُ: اسْتِغْفَارُنَا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِغْفَارٍ كَثِيرٍ. ورُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا قَدْ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك سَرِيعًا قَالَ يَا هَذَا إنَّ سُرْعَةَ اللِّسَانِ بِالِاسْتِغْفَارِ تَوْبَةُ الْكَذَّابِينَ()
9- المغالاة في المهور وإعداد البيوت والشبكة؛ وهذه المغالاة خلاف السنة فإن من السنة تخفيف المهر وتسهيله وهو من أسباب بركة النكاح والوئام بين الزوجين وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لرجل أراد أن يتزوج امرأة: (أَعْطِهَا ثَوْبًا)، قَالَ: لاَ أَجِدُ، قَالَ: (أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ)، فَاعْتَلَّ لَهُ، فَقَالَ: (مَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ؟ ) قَالَ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: (فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ)()
وفي فتاوى اللجنة الدائمة - 1 (19/ 73) لا ينبغي المغالاة في المهور؛ لأن ذلك يعسر الزواج، ويشق على الناس
10- الكذب والغلو في كتابة القائمة وأخذ شيك على بياض على الزوج؛ والقائمة عبارة عن ورقة بها أثاث المنزل الذى اشتراه الزوج والزوجة ويوقع عليه الخاطب أو العاقد وهذه الورقة تحوي الكذب كله لأنهم يكتبون فيها ما لم يأت ويكتبون ما أتو به على غير الثمن الحقيقي استكثارًا للبملغ ومباهاة والحق أن يكتب ما جيء به من حق الزوجة فقط دون زيادة ويكون ذلك في ورقة يحتفظ بها ولى الزوجة وما زاد عن الموجود فهو كذب وزور إلا أن يكون جزءًا من المهر لم يدفعه الزوج فيكون دينًا عليه فإذا حوت كذبًا فالشاهد عليها شاهد زور لأنه وقع على أشياء لم تأت بعد أو أشياء كتبت بغير ثمنها الحقيقي. لكن ولو رضي الزوج التوقيع عليها انهاءًا للموقف جاز هذا الأمر والمسلمون عند شروطهم.
وأما الشيك على بياض فإنه غرر ولا يصح في الشرع واعلم دليلا على جوازه فإن كان لابد فيكتب بمبلغ محدد يرضى به الطرفان بحيث يحفظ الحق ولا يكون وسيلة للظلم بعد ذلك. . .
11- اعتقاد الناس أن العاقد له كل شيء إلا الجماع، وهذا كلام مردود فليس هناك ما يدل على استحلال الفرج أو الاستمتاع بالمعقود عليها دون الجماع، ولم يؤثر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن استمتع بعائشة من حين العقد وحتى الدخول بها. ولا تنافي في- عدم الاستمتاع إلى أجل- ومقتضى العقد فلذلك يجب على العاقد الوفاء بهذا الشرط لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو داود: "المسلمون على شروطهم"(). ولقائل أن يقول: لم يشترط علىّ ولى الزوجة هذا الشرط- وهو عدم الاستمتاع بها إلى أجل معين- فأنا أستمتع بها لأنه لم يشترط علىّ ذلك. والجواب: أن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً. فَفِي كل مَحل يعْتَبر ويراعى فِيهِ شرعا صَرِيح الشَّرْط الْمُتَعَارف، وَذَلِكَ بِأَن لَا يكون مصادماً للنَّص بِخُصُوصِهِ().
وعلى هذا علم أن ولى الزوجة وإن لم يشترط على العاقد حقيقة عدم الاستمتاع فإنه اشترط عليه حكماً. لأنه تعارف بين الناس أنه لا يحل في عقد النكاح البناء أو الاستمتاع.
فكأنه اشترط عليك بهذا العرف عدم الاستمتاع إلى أجل معلوم وهو البناء "الدُخلة".
وقد قال النبي (-صلى الله عليه وسلم-) كما في صحيح مسلم: "الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس"(). وعليه فلا تجوز مقدمات البناء لأنه لو اطلع عليه أحد على ما يفعله مع المعقود عليها من قبله أو مباشرة سيكون في حرج. ثم إن هذا المقدمات تشعل الرغبة والشهوة أفيشعلها ويؤجج نارها ثم يقال له امتنع وما الذي أحل له المقدمات وحرم عليه الجماع إما أن يمنع الكل او يباح الكل وإباحة الكل مشروطة بإعلان البناء والدخول فالمقدمات كذلك. .
12- إيقاع الطلاق على المعقود عليها ثم مراجعتها من دون عقد جديد وهذا لا يجوز فالمطلقة قبل الدخول بها ليست عليها عدة ولا رجعة قال تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب: 49]، يَعْنِي: تُجَامِعُوهُنَّ، {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا} [الأحزاب: 49] فَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا تَطْلِيقَةً فَإِنَّهَا تَبِينُ بِهَا، وَهِيَ أَمْلَكُ بِنَفْسِهَا، وَهُوَ خَاطِبٌ، إِنْ تَزَوَّجَهَا كَانَتْ عِنْدَهُ عَلَى تَطْلِيقَتَيْنِ().
13- إطلاع النساء على عورة العروس في تهيئتها للزفاف: وهذا حرام فلا يجوز أن تطلع المرأة على عورة المرأة فعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ) ()
2- ذهاب العروس إلى الكوافير: وقد أصبح عادة لا تنكر، بلْ يُنكر على منْ هجرها وفيها محاذير؛
منها ما تفعله الكوافيرات من التحلية بحلى الكفار في الشعر وغيره وهذه فيها مشابهه للكافرين ومن تشبه بقومٍ فهو منهم كما ثبت ذلك في الحديث. ومنها أن عملهم يكون فيه النمص، والنمص هو الأخذ من الحاجب أو إزالته بالكلية وكذا أخذ الشعر من أطراف الوجه إلا اللحية والشارب قال النووي: النَّامِصَةُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ فَهِيَ الَّتِي تُزِيلُ الشَّعْرَ مِنَ الْوَجْهِ وَالْمُتَنَمِّصَةُ الَّتِي تَطْلُبُ فِعْلَ ذلك بها وهذا الفعل حرام إلا إذا نبتت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالتها بل يستحب عندنا () وقد لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- فاعله فلعن النامصة والمتنمصة()، واللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله عز وجل ولا أعتقد أن مؤمناً أو مؤمنة يرضى أن يفعل فعلاً يكون سبباً لطرده من رحمة الله. ومنها ما تفعله الكوافيرات من هتك للعورات حيث تزيل الشعر من على أفخاذ المرأة وعلى ما حول قبلها، قال ابن عثيمين: وإنني أؤكد النصيحة على الرجال وعلى النساء ألا ينخدعوا في هذه الأمور وأرى أنه تجب مقاطعة هذه الكوافيرات وأن تقتصر النساء على التجمل بما لا يكون مضراً في الدين موقعاً في الحرام بالتشبه بالكفار، وإذا أراد الله عز وجل المحبة بين الزوجين فإنها لا تحصل بمعاصي الله وإنما بطاعة الله عز وجل والتزام ما فيه الحياء والحشمة.
وهناك ضوابط لعمل المرأة في الكوافير، وهي
1- أن يكون المباشر للعمل امرأة مسلمة. 2- أن لا يقوم المحل بتزيين المتبرجات؛ لأن ذلك عون لهنَّ على المعصية. وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة: 2].
3- أن لا يكون العمل مشتملاً على محرم، ومن أمثلة المحرمات إضافة إلى ما سبق:
- تصفيف أو قص الشعر بما يكون فيه تشبه بالكافرات أو الفاجرات أو الرجال. ()
12- تزين الرجال بحلق اللحية في هذه الليلة وهو من المحرمات لمخالفة الأحاديث ومنها حديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (انْهَكُوا الشَّوَارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى)() ومن المعلوم أن الأمر يفيد الوجوب إلا لقرينة والقرينة هنا مؤكدة للوجوب وهو: التشبه بالكفار كما في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس () ولذلك قال شيخ الاسلام ابن تيمية (ويحرم حلق اللحية). وقال الإمام النووي - رحمه الله-: وردت خمس روايات في ترك اللحية وكلها على اختلاف في ألفاظها تدل على تركها على حالها. وقال شمس الدين الرعيني المالكي: حَلْقُ اللِّحْيَةِ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ الشَّارِبُ وَهُوَ مُثْلَةٌ وَبِدْعَةٌ، وَيُؤَدَّبُ مَنْ حَلَقَ لِحْيَتَهُ(). وقد أفتى الشيخ جاد الحق مفتى الديار المصرية عام 1981 بحرمة حلق اللحية.
13- تبرج النساء؛ والتبرج: هو أن تظهر المرأة من محاسنها ما ينبغي لها أن تستره(). وقد أمر الله النساء بالستر والاحتشام، وحذر المرأة أن تتبرج كما تبرجت النساء في الجاهلية الأولى، فقال سبحانه: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) (الأحزاب: 33). وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا) () ويعتبر العرس أكبر موسم من مواسم التبرج، وإظهار من العروس إلى قريباتها، وأقارب زوجها من النساء، وغيرهن ممن يحضر حفل الزواج، كل تبدي زينتها ويتسابقن أيتهن أجمل من صاحبتها، فالثياب الرقيقة التي يرى ما ورائها، والثياب المزركشة،. . . والألوان والأصباغ. . . الخ. .
14- الاختلاط المحرم؛ وهو اجتماع الرجل بالمرأة التي ليست بمحرم له اجتماعًا يؤدي إلى ريبة، أو: هو اجتماع الرجال بالنساء غير المحارم في مكان واحد، يمكنهم فيه الاتصال فيما بينهم بالنظر، أو الإشارة، أو الكلام، أو البدن من غير حائل أو مانع يدفع الريبة والفساد. قال تعالى {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (الأحزاب: 53). وقد أفرد -صلى الله عليه وسلم- في المسجد بابًا خاصًّا للنساء يدخلن، ويخَرجن منه، لا يُخالطهن، ولا يُشاركهن فيه الرجال. فعن نافع عن ابن عمر - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لو تركنا هذا الباب للنساء؟ " قال نافع: فلم يدخل منه ابنُ عمر حتى مات. وعن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري عن أبيه أنه: (سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِلنِّسَاءِ: اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ)(). ومعنى تَحْقُقْنَ: أي تذهبن في حاق الطريق، وهو الوسط، كما في حديث أبي هريرة - قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "ليس للنساء وسط الطريق"
وعَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الحَارِثِ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ، وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ) قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: (فَأُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنِ انْصَرَفَ مِنَ القَوْمِ) (). وإذا نظرنا إلى العرس، كأحد المناسبات التي يحدث فيها الاختلاط المحرم، نرى أن الاختلاط المحرم يحدث فيه في مواضع كثيرة، منها: الاختلاط الذي يحدث بين الرجال والنساء: في السهرة الليلية، وأحيانا في القاعة، وأحيانا في زفة العريس التي تكون غالبا في الشارع كما هو الحال في القرى.
ويحدث الاختلاط بأشكال أخرى: كدخول أهل العروس ليعطوها هدية عرسها (وهو ما يعرف: بالنقوط)، أو يدخل عمها وخالها بين النساء في بيت العروس ليخرجوها من بيتها. . . . الخ. .
15- العطور للنساء؛ وهذا مما يشتمل عليه العرس من الأخطاء والمعاصي فلا يحل للمرأة أن تضع العطور وتخرج ليجد الرجال ريحها، في عرس أم غير عرس، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (الْمَرْأَةُ إِذَا اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ بِالْمَجْلِسِ فَهِيَ كَذَا وَكَذَا، يَعْنِي زَانِيَةً).
16- طلاء الأظافر: أو ما يعرف بالمانيكير؛ فهو من الزينة المحرمة إذا كان بحضرة الرجال، أما إذا كان أمام النساء فقط فهو جائز، ولكن يلحق به محذور خطير: ألا وهو وجوب إزالته لأداء الصلاة، لأن الوضوء مع وجوده لا يصح. وهذا ما يشق على الكثير من النساء، مما يؤدي إلى ضياع الصلاة، أو الوضوء مع وجوده وعدم المبالاة بأن الصلاة تصبح بذلك باطلة.
17- مصافحة الرجال للنساء؛ فتحدث المصافحة في العرس بشكل لافت، خصوصا وأن أقارب العريس يهنئون بعضهم بعضا، الرجال والنساء. وأكثر من ذلك عندما يدخل أهل العروس لإعطاء العروس هدية العرس وهو ما يسمى عند الناس: النقوط. فلا يتورع أكثر الناس في وضع أيديهم في يد العروس، ولا شك أن هذا من المنكرات. وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لأن يطعن أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له)().
18- الغناء والموسيقى. من الآفات التي ابتلي بها المسلمون بصفة عامة وفي أفراحهم بصفة خاصة سماع الغناء المقترن بآلات العزف والموسيقى المحرمة فاجتمعت سفاهة الكلام والآلات المحرمة مع اختلاط النساء وصوت المغنية أمام الرجال أو صوت المغني أمام النساء كل هذا مع تبرج النساء في مناسبة عرس فهي دعوة واضحة للرذيلة في مناسبة شرعت لتحصيل العفة أليس هذا بعجيب؟ وقد ورد في ديننا من الأدلة ما يقطع القول بحرمة الغناء وسماع الموسيقى، ومن ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ يَعْنِي الْفَقِيرَ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ، وَيَضَعُ الْعَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)(). وفي هذا الحديث حرمة الغناء من عدة وجوه منها قوله يستحلون "إذا الأصل حرمته لكنهم يستحلون ما حرم الله". ومنها اقترانه بالزنا والخمر ولبس الحرير وكل هذه الأمور محرمه وإن كانت درجة الحرمة بينها متفاوتة. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة، ورنة عند مصيبة)(). والحديث واضح الدلالة في تحريم صوت المزمار، فكيف إذا كان عند نعمة؟ فإنه ملعون.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يكون في أمتي: قذف، ومسخ، وخسف، قيل يا رسول الله، ومتى ذاك؟ قال: إذا ظهرت المعازف، وكثرت القينات، وشربت الخمور). () الخسف: الذهاب في الأرض. المسخ: تغيير الصورة. القذف: الرمي بالحجارة. القيان: المغنيات. وفي الحديث من الوعيد ما فيه إذا ظهرت في الأمة هذه الأمور. فما بالك بعرس يكون مهددا بالخسف والمسخ والقذف؛
قال ابن القيم: ولا ينبغي لمن شم رائحة العلم أن يتوقف في تحريم الغناء وآلات الملاهي فأقل ما يقال أنها شعار الفساق وشربة الخمور. وكان ابن عباس وعبد الله بن مسعود يقولا: … "الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل". وكان مالك يقول عن الغناء: "إنما يفعله عندنا الفاسق". … انتهى.
واعلم أن استخدام الرجال أنواع المعازف غير مسموح به حتى ولو دف لأن الذى أبيح لهم الضرب بالدف هم النساء وأما الرجال فلم يثبت إباحته لهم وأما حديث "واضربوا عليه بالدفوف" فلا يصح الاستدلال به لأنه حديث ضعيف. - قال الحافظ ابن حجر: واستدل بعضهم بقوله "واضربوا" على أن ذلك لا يختص بالنساء لكنه ضعيف والأحاديث القوية فيها الأذن بذلك للنساء فلا يلتحق بهن الرجال لعموم النهى عن التشبه بهن(). وملخص القول في الغناء: 1- إذا صاحب الغناء آلة موسيقية فهو محرم بالإجماع، ويستثنى الدف فيجوز استعماله للنساء. 2- غناء النساء للرجال الأجانب أو بحضرتهم حرام.
3- إذا اشتملت كلمات الأغاني على حرام فهي حرام، مثل أن تكون مشتملة على غزل فاضح أو كلام فاحش. 4- ما عدا ذلك من الغناء مباح، ويستحب للنساء في العرس خاصة. 5- الغناء المباح يجوز للرجال سماعه -على خلاف- ويكره الإكثار منه. 6- غالب الغناء اليوم محرم لاشتماله على محاذير شرعية كما سبق.
19-غناء الصوفية والذكر الصوفي؛ وقد أتى شيطان هؤلاء ببدعة جديدة في الأفراح فصار بعضهم يأتي بفرقة ذكر صوفية تذكر الله وترقص وتتمايل على أنغام الموسيقى زاعما أنه تخلص من شر الغناء المحرم وهذا شر من الأول حيث جعلوا البدعة دينًا يتقرب به إلى الله وهذه بطالة وجهالة وضلالة وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري لما اتخذ لهم عجلا جسدا له خوار فأتوا يرقصون حوله ويتواجدون وهو دين الكفار وعباد العجل وإنما كان مجلس النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه كأنما على رءوسهم الطير من الوقار فينبغي للسلطان ونوابه أن يمنعهم من الحضور في المساجد وغيرها ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم ولا يعينهم على باطل هذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم من أئمة المسلمين. وممن أفتى بنحو هذا الإمام الحافظ ابن الصلاح والإمام الشاطبي رحمه الله والقرطبي وابن قيم الجوزية والآلوسي ومن كلامه: ثم إنك إذا ابتليت بشيء من ذلك فإياك ثم إياك أن تعتقد أن فعله أو استماعه قربة كما يعتقد ذلك من لا خلاق له من المتصوفة فلو كان الأمر كما زعموا لما أهمل الأنبياء أن يفعلوه ويأمروا أتباعهم به ولم ينقل ذلك عن أحد من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولا أشار إليه كتاب من الكتب المنزلة من السماء وقد قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} ولو كان استعمال الملاهي المطربات أو استماعها من الدين ومما يقرب إلى حضرة رب العالمين لبينه -صلى الله عليه وسلم- وأوضحه كمال الإيضاح لأمته. . وختاما أقول: لو لم يكن من شؤم الغناء الصوفي إلا قول أبي حامد في الإحياء (2/298): سماع الغناء أنفع من سماع القرآن من ستة أوجه أو سبعة لكفى! ()
20- استئجار الراقصين والراقصات والمغنين والمغنيات: وفيه عدة مخالفات منها إعطاء الأجرة على محرم وإنفاق المال في الحرام ومنها دعوة الناس لسماع الحرام والنظر إليه بهذا المال ومن دعا إلى ضلالة فعليه من الوزر مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ومنها إيذاء المسلمين ببقائهم يرقصون ويغنون إلى ساعات متأخرة من الليل فلا يرحمون صراخ الصغير ولا تعب المريض ولا راحة المتعب ومنها التعاون على الإثم والعدوان ومنها إشاعة الفاحشة بين المؤمنين ومحبة ذلك ومنها دعوة من يمتهن هذا المهن الخسيسة في المجتمع بحيث يقال مغني ومغنية وراقصة ولو لم يستأجرهم الناس لبحثوا عن عمل آخر ومنها كفران النعمة واستحقاق العذاب لأن الزواج نعمة ينبغي أن تقابل بالشكر ومنها التشبه بغير المسلمين من المغضوب عليهم والضالين. . الخ وعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ(). ألا فليعلم الأولياء الذين يسارعون في هذا المنكر أن كل سيئة تحصل في العرس بسبب المغني والراقصة. . . فعليهم من الوزر مثلها من غير أن ينقص من وزر الفاعل شيء فماذا أنت قائل لربك يوم يقوم الناس لرب العالمين؟
21- قيام بعض الشباب بلبس النقاب والقيام بالرقص على أنهم نساء وهذا من السخرية بزي المؤمنات ومن التشبه بالنساء وفاعل ذلك ملعون. . .
22- ولما هلكت الغيرة في قلوب الرجال وحلت مكانها الدياثة قام الرجل يرقص بعروسه أما الناس على المسرح والعياذ بالله. .
23- ومما يتعلق بقضية باستئجار الراقصات؛ أن بعض الناس يأتي بالراقصات ليجمع ماله عند الناس من النقطة لأن بعض الأقارب والأصحاب يأتون بأموال في أثناء الاحتفال بالزفاف ويقوم المغنى أو الراقص أو الراقصة بإعلان هذا أمام الحاضرين. مما يدفع البعض إلى المسارعة أيهم يدفع أكثر لما في ذلك من المفاخرة والمباهاة وحب العلو والظهور والتسميع، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، هذا فيه كسر لقلوب الفقراء والنظر إلى من يدفع بسخاء بعين الازدراء والحقد والحسد. والأولى إعطاء هذا المال أو الهدية إلى الزوجين سراً ولا يخبر به أحداً.
24- شرب الخمر والمخدرات: فقد صار من المعلن في الأفراح اجتماع الحضور على شرب الحشيش والبانجو والمخدرات والخمور وهذا حرام بكتاب ربنا وسنة نبينا -صلى الله عليه وسلم-. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) ) "المائدة"
عَنْ أَنَسٍ، (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَعَنَ فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً: عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا)()فالخمر لأنها أم الفواحش في الدنيا حتى لا يحرم منها في الآخرة. فيا صاحب العرس تأتي بالخمر لتسقيه للناس تحارب بذلك ربك! فهل تقدر على حربه؟ ثم ماذا لو لعبت الخمر برؤوس الناس فوقعت المشاحنات والمشاجرات وأسدل الستار على هذا الحفل الكئيب وبات العروسان وأهلهما في نكد دائم وحسرة على هذه النهاية المؤلمة لليلة العمر كما يسمونها ومازلنا نلهج ونقول ما أحلى الرجوع إلى السنة.
25- توزيع الدخان في العرس، ألا فليعلم هؤلاء أن التدخين حرام لأنه من الخبائث التي حرمها الله تعالى وهو من الباطل لا من الحق وفيه ضرر كبير بمن أدمنه وداوم عليه بسبب الأضرار التي يسببها التدخين، ومن بينها أمراض خطيرة، كالسرطان وأمراض الشريان التاجي، والذبحة الصدرية، وغير ذلك من الأمراض الفتاكة.
وقد نهى الإسلام أن يضر الإنسان بنفسه أو بالآخرين، قال عليه الصلاة والسلام: (لا ضرر ولا ضرار) () وفيه إيذاء للناس وإضرار لهم حتى الزوجة والأولاد والجنين في الرحم يتأذى وحتى الملائكة فإنها تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، وفيه الإسراف والتبذير ويستعبد النفس ويسلب إرادتها، ويجعلها أسيرة لهذه العادة السخيفة. .
26- وجود مكبرات الصوت؛ في الحديث صحيح البخاري (8/ 20) ح (6069) عن أبي هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: " كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلاَنُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ " وأي مجاهرة بذنب أعظم من هذا الذي يعلن في الأفراح في مكبرات الصوت الصاخبة والتي تؤذى عباد الله. فلا يستطيع طالب أن يذاكر دروسه ولا يستطيع متعب أن ينام وكم من مريض في حاجة لنوم ساعة ليستريح من آلام المرض ولكنهم بهذه المكبرات يحيلون بينه وبين ذلك. والله عز وجل حرم أذية عباده فقال: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً (58) ) "الأحزاب" ويقول النبى -صلى الله عليه وسلم- "والله لا يؤمن والله لا يؤمن، قيل من يا رسول الله؟ قال: من لا يأمن جاره بوائقه. " بوائقه: أي شروره؛ وإذا كان الإسلام قد نهى عن رفع الصوت حتى ولو بالقرآن. كما في عن أبى سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "اعتكف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال ألا إن كلكم مناجٍ ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً" - لا يرفع بعضكم على البعض في القراءة - وهذا النهى وقع عند رفع أصواتهم بالذكر والقرآن فكيف إذا كان بغناء. وما فيه من كلمات تخدش الحياء وتهدم المروءة وتزيد من الشهوة بل ويصحبه الآلات الموسيقية الصاخبة التي تحرك وتهيك النفوس الضعيفة على التمايل والرقص.
27- السهر في الأفراح حتى ساعة متأخرة من الليل لا شك أن السهر الطويل في الأفراح يعد من منكراته، لا لأنه سهر، وإنما لما ينطوي عنه من أمور تضر بمن يسهر ومن حوله.
ومنها الإزعاج وإيذاء الآخرين من المتعبين والمرضى والطلبة الذين يذاكرون ويزداد الإزعاج إذا أضيف على ذلك تلك المفرقعات والقنابل الصوتية، التي ينفق عليها الآلاف في كثير من الأعراس، والتي تكون أحيانا في آخر الليل. وصار لهذه المفرقعات من يتخصص في بيعها، وتنفيذها في الأعراس حتى تنافس الناس فيها أيضا، كما نراه ونشاهده، فلا يخلو منها فرح من أفراح المسلمين. ومنها ضياع الصلوات
28- الزفة والكوشة والمسرح وقطع الطريق على الناس بالسيارات والدراجات البخارية وهذا يشتمل على كثير من المحرمات التي سبقت الإشارة إليها زيادة على ذلك إيذاء المسلمين في الطريق مما يتسبب في وقوع الحوادث والتي تصل إلى العروسين أحيانًا.
29- لعب الشباب بالأسلحة البيضاء والألعاب النارية مما يشجع على الشر ويدفع إلى القتال وقد يصاب بعض الناس بسبب هذه الألعاب وقد منع النبي -صلى الله عليه وسلم- من مجرد الإشارة بالسلاح ولو على سبيل المزاح لأن ذلك قد يوقع في القتل.
30- التصوير في العرس؛ ولا يتحاشى التصوير متبرجة ولا متحجبة ومما يقع الناس فيه ذهاب العروسين إلى استوديو التصوير قبل الزفاف ليلتقطا الصور التذكارية، وقد يكون التصوير في القاعة والذي يستلم مهمة تصوير الفيديو في القاعة كثيرا ما يكون رجلا، ولا يسمح لأحد غيره بالدخول، كما يحلو للبعض أن يسمي عرسه بعد ذلك: بالإسلامي.
فهذا الذي يسمح لنفسه بالدخول عند النساء، وينظر إليهن، ويصورهن، ولا يتورع من ذلك، فكيف يؤمن لهذا وأمثاله أن يذهبوا بالصور حيثما شاءوا. وحتى لو كانت التي تصور امرأة، فالمحذور موجود.
31- المنكرات في وليمة العرس
فالوليمة سنة دل على سنيتها أحاديث كثيرة، وذهب بعض العلماء إلى وجوبها؛ كما قال الألباني: ولا بد له من عمل وليمة بعد الدخول لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بها في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ: فَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ). والوليمة المراد بها شكر الله تعالى على نعمة الزواج، وإكرام المسلمين، وليس إرهاق العروس وأهله، والسنة في الوليمة أن تكون في ثلاثة أيام بعد العرس. . ومن الخطأ الإسراف الزائد في الولائم، والمقصود بالإسراف ذاك الطعام الزائد الذي يلقى في النفايات بعد العرس. والصواب أن يوزع على الفقراء، فليس هناك منطقة تخلو من الفقراء والمساكين. ومن الخطأ دعوة الأغنياء دون الفقراء: قال الألباني -رحمه الله-: ولا يجوز أن يخص بالدعوة الأغنياء دون الفقراء() فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: (شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ، وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ -صلى الله عليه وسلم-)(). ومن الخطأ وجود المنكر في الوليمة: ومما هو معلوم أن الإنسان لا يجوز له أن يحضر مجلسا فيه منكر، والأدلة على ذلك كثيرة، منها أن عليا بن أبي طالب قال: (صَنَعْتُ طَعَامًا فَدَعَوْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَجَاءَ فَرَأَى فِي الْبَيْتِ تَصَاوِيرَ فَرَجَعَ) ()
32- خروج المرأة بزينتها أمام المهنئين؛ ويصاحب ذلك مصافحتهم وبعض يقع التقبيل ممن ليس بمحرم وقد سبقت الإشارة إلى هذا.
33- شهر العسل يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: شهر العسل تقليد لغير المسلمين، وفيه إضاعة أموال كثيرة، وفيه أيضا تضييع لكثير من أمور الدين، خصوصا إذا كان يقضى في بلاد غير إسلامية.
34- نشر أسرار الزواج؛ يقوم بعض التافهين من الناس بنشر ما يجري بينه وبين زوجته، ولا يقتصر الأمر على الرجال بل النساء تتحدث كما يتحدث الرجال، إن لم يكن وزيادة.
وقد جاء التحذير من فعل ذلك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا) ().
35- وصف النساء للعروس فمن النساء من تصف الأخرى سواء كانت العروس أو إحدى النساء لزوجها أو لغيره حتى كأنه يراها وقد قال عليه الصلاة والسلام: لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ().
فنسأل الله السلامة
---
(1) فتاوى اللجنة الدائمة (2/ 538)
(2) فتاوى اللجنة الدائمة (19/146) فتوى رقم 6337.
(3) سنن الترمذي ت شاكر (4/ 465) ح (2165).
(4) عمر الشقر في كتابة أحكام الزواج (ص58).
(5) البخاري (3/ 69) ح (2140).
(6) فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى (26/ 301) برقم (20714).
(7) إحياء علوم الدين (1/ 313).
(8) البخاري (5029).
(9) سنن أبي داود (3/ 304) ح (3594) وقال الألباني: حسن صحيح.
(10) شرح القواعد الفقهية (ص: 237).
(11) صحيح مسلم (4/ 1980) ح (2553)
(12) تفسير يحيى بن سلام (2/ 714).
(13) صحيح مسلم (1/ 266) ح (338).
(14) شرح النووي على مسلم (14/ 106)، وعون المعبود وحاشية ابن القيم (11/ 150)
(15) فتح الباري لابن حجر (10/ 379)(5943).
(16) فتاوى الشبكة الإسلامية (12/ 13207).
(17) صحيح البخاري (7/ 160) ح (5893).
(18) صحيح مسلم (1/ 222) ح (260) وانظر: آداب الزفاف في السنة المطهرة (ص: 208).
(19) مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (1/ 216).
(20) جامع البيان ت شاكر (19/ 218).
(21) صحيح مسلم (3/ 1680) ح (2128).
(22) سنن أبي داود ح (5272) وحسنه الألباني.
(23) صحيح البخاري (1/ 167) ح (837). .
(24) أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 211) وصححه الألباني في صحيح الجامع (5045).
(25) صحيح البخاري (7/ 106) ح (5590).
(26) البحر الزخار (14/ 62) ح (7513) وصححه الألباني في الصحيحة ح (427).
(27) رواه الترمذي: 2212، وصححه الألباني في الصحيحة: 1604.
(28) فتح الباري (9/226).
(29) تحريم آلات الطرب (ص: 168).
(30) سنن الترمذي ت بشار (4/ 190) ح (2417) وقال: حسن صحيح.
(31) المعجم الأوسط (2/ 93) ح (1355).
(32) مستدرك الحاكم وصححه: 2345، وصححه الألباني.
(33) آداب الزفاف في السنة المطهرة (ص: 153)
(34) صحيح البخاري ح (4779).
(35) سنن ابن ماجه ح (3359)، وصححه الألباني.
(36) صحيح مسلم (2/ 1060) ح (1437).
(37) صحيح البخاري ح (4839)، وانظر: كتاب منكرات الأفراح، غانم غالب غانم، وكتاب أفراحنا بين المشروع والممنوع لندا أبو أحمد.