محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
أكرم الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- بفضائل جمّة، وصفات عدة، فأحسن خلْقَه وأتم خُلُقه، حتى وصفه تعالى بقوله: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم: 4)، ومنحه -جل جلاله- فضائل عديدة، وخصائص كثيرة، تميز بها -صلى الله عليه وسلم- عن غيره، فضلًا عن مكانة النبوة التي هي أشرف المراتب.
ما أكرمه عبدًا وسيدًا، وأعظمه أصلا ومَحْتِدا، وأطهره مضجعًا ومولدًا، وأبهرَه صدرًا وموردًا. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه غيوث الندى، وليوث العدا، صلاة وسلاما دائمين إلى أن يبعث الناس غدَا.
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ ابْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعبِ بْنِ لؤَيِّ بْنِ غالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ ابْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ. (1)
إلى هنا معلوم الصحة ومتفق عليه بين النسَّابين، ولا خلاف أن عدنان من وَلَدِ إسماعيل بن إبراهيم -عليه السلام-.
فنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- خير أهل الأرض نسبًا على الإطلاق، فأشرف القوم قومه، وأشرف القبائل قبيلته.
عن وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: " إِنَّ الله اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ". (2)
ونتناول في الأسطر التالية شيئًا يسيرًا من فضائله -صلى الله عليه وسلم-.
أنه -صلى الله عليه وسلم- أولى بالمؤمنين من أنفسهم: قال تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) (الأحزاب: 6).
قال الشوكاني: فإذا دعاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- لشيء ودعتهم أنفسهم إلى غيره، وجب عليهم أن يقدموا ما دعاهم إليه، ويؤخروا ما دعتهم أنفسهم إليه، ويجب عليهم أن يطيعوه فوق طاعتهم لأنفسهم، ويقدموا طاعته على ما تميل إليه أنفسهم، وتطلبه خواطرهم. (3)
أنه -صلى الله عليه وسلم- سيد ولد آدم: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: " أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ ". (4)
أنه -صلى الله عليه وسلم- أمان لأمته: وعن أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال " النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لأصحابي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أصحابي مَا يُوعَدُونَ وأصحابي أَمَنَةٌ لأمتي فَإِذَا ذَهَبَ أصحابي أَتَى أمتي مَا يُوعَدُونَ". (5)
أنه -صلى الله عليه وسلم- خاتم الأنبياء: قال تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ) (الأحزاب: 40)، وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-أَنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " إِنَّ مَثَلِى وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قبلي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ هَلاَّ وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ قَالَ فَأَنَا اللَّبِنَةُ، وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ ". (6)
أن رسالته -صلى الله عليه وسلم- عامة للناس جميعًا: عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-أَنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قبلي نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أمتي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لي الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قبلي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النبي يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً". (7)
أخذ الله له -صلى الله عليه وسلم- العهد على جميع الأنبياء: من الأمور التي تدل على عظيم قدره -صلى الله عليه وسلم- عند ربه ما أخذه الله من العهد له -صلى الله عليه وسلم- على جميع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام على أنهه لو بعث -صلى الله عليه وسلم- وهم أحياء أو أحد منهم فإنه يجب عليهم أن يؤمنوا به ويتبعوه وينصروه. قال تعالى (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ)
قرنه -صلى الله عليه وسلم- خير قرون بني آدم: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-أَنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بني آدَمَ قَرْنًا فَقَرْنًا، حَتَّى كُنْتُ مِنَ الْقَرْنِ الذي كُنْتُ فِيهِ ". (8)
وعَنْ عَبْدِ الله -رضي الله عنه-عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي". (9)
أنه -صلى الله عليه وسلم- خليل الرحمن: عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: " أَلاَ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خِلٍّ مِنْ خِلِّهِ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا إِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ الله ". (10)
وهذه الفضيلة لم تثبت لأحد غير نبينا وإبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسلام.
أن الله رفع له ذكره -صلى الله عليه وسلم-: قال تعالى: (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) (الشرح: 4) فلا يذكر سبحانه إلا ذكر معه، ولا تصح للأمة خطبة ولا تشهد حتى يشهدوا أنه عبده ورسوله، وأوجب ذكره في كل خطبة، وفي الشهادتين اللتين هما أساس الإسلام وفي الأذان الذي هو شعار الإسلام وفي الصلاة التي هي عماد الدين إلى غير ذلك من المواضع.
أن الله وقره في ندائه، فناداه بأحب أسمائه وأوصافه -صلى الله عليه وسلم-: فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ﴾ و﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ ﴾ وهذه الخصيصة لم تثبت لغيره، بل ثبت أن كلا منهم نودي باسمه فقال تعالى: ﴿ يَا آدَمُ اسْكُنْ ﴾ ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ ﴾ ﴿ يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ ﴾ (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ) (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ) (يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ (يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ) (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ) (يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ) ولا يخفي على أحد أن السيد إذا دعي أحد عبيده بأفضل ما وجد فيه من الأوصاف العلية والأخلاق السنية، ودعا الآخرين بأسمائهم الأعلام التي لا تشعر بوصف من الأوصاف ولا بخلق من الأخلاق، دل ذلك على أن منزلة من دعاه بأفضل الأسماء والأوصاف أعز عليه وأقرب إليه ممن دعاه باسمه العلم. وهذا معلوم بالعرف أن من دعي بأفضل أوصافه وأخلاقه كان ذلك مبالغة في تعظيمه واحترامه.
النهي عن مناداته باسمه -صلى الله عليه وسلم-: فقال الله تعالى: (لَّا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا ۚ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا ۚ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(النور: 63)
لا يرفع صوت فوق صوته -صلى الله عليه وسلم-: إن الله نهي الأمة أن يرفعوا أصواتهم فوق صوته -صلى الله عليه وسلم- ولا يجهروا له بالقول - كما هو الحال بين الناس- حتى لا تحبط أعمالهم فقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ) (الحجرات: 2).
رسول الله رائد حياة الأخلاق:
فهذه إشارات سريعة إلى أخلاق سيد المتخلقين بمكارم الأخلاق صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وإننا مهما تكلمنا ومهما كتبنا في هذا الموضوع لا نستطيع أن نوفي قدر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهو رائد حياة الأخلاق الكريمة، وهو الذي عَلَّم الدنيا محاسن الأخلاق، فلولاه بعد الله تخبط الناس في الجهل والغفلة والعمى، وصدق الله إذ يقول: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبياء: 107).
وقد زَكَّى الله تبارك وتعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- في كل شيء. ومن زكاه ربه فلا يجوز لأحد من أهل الأرض قاطبة أن يظن أنه يأتي في يوم من الأيام ليزكيه، بل إن أي أحد وقف ليزكي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليصف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليتكلم عن قدر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإنما يرفع من قدر نفسه، ومن قدر السامعين بحديثه عن الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم-. ولنعلم أنه لا يعرف أحد قدر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا الرب العلي -سبحانه وتعالى- ولذا:
زَكَّاه ربه في عقله فقال: (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ) (النجم: 2).
وزَكَّاه في بصره فقال: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ) (النجم: 17).
وزكاه في صدره فقال: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) (الشرح: 1).
وزكاه في ذكره فقال: (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) (الشرح: 4).
وزكاه في طُهره فقال: (وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَذ) (الشرح: 2).
وزكاه في صدقه فقال: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ) (النجم: 3).
وزكاه في علمه فقال: (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ) (النجم: 5).
وزكاه في حلمه فقال: (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) (التوبة: 128).
وزكاه في خلقه كله فقال جل وعلا: (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم: 4) -صلى الله عليه وسلم-.
ومما زادني فخرًا وتيها وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي وأن سيرت أحمد لي نبيا.
قال القاضي عياض: اعلم أيها المحب لهذا النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- الباحث عن تفاصيل جمل قدره العظيم أن خصال الجمال والكمال في البشر نوعان: ضروري دنيوي اقتضته الجبلة وضرورة الحياة الدنيا، ومكتسب ديني وهو ما يحمد فاعله ويقرب إلى الله تعالى زلفى.
فأما الضروري المحض فما ليس للمرء فيه اختيار ولا اكتساب، مثل ما كان في جلبته من كمال خلقته، وجمال صورته، وقوة عقله، وصحة فهمه، وفصاحة لسانه، وقوة حواسه وأعضائه، واعتدال حركاته، وشرف نسبه، وعزة قومه، وكرم أرضه، ويلحق به ما تدعوه ضرورة حياته إليه، من غذائه ونومه، وملبسه ومسكنه، ومنكحه، وماله وجاهه. وقد تلحق هذه الخصال الآخرة بالأخروية إذا قصد بها التقوى ومعونة البدن على سلوك طريقها، وكانت على حدود الضرورة وقواعد الشريعة.
وأما المكتسبة الأخروية فسائر الأخلاق العلية، والآداب الشرعية: من الدين، والعلم، والحلم، والصبر، والشكر، والعدل، والزهد، والتواضع، والعفو، والعفة، والجود، والشجاعة، والحياء، والمروءة، والصمت، والتؤدة، والوقار، والرحمة، وحسن الأدب، والمعاشرة، وأخواتها، وهى التي جماعها: حسن الخلق. (11)
قال أنس -رضي الله عنه-: "كَانَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا". (12)
وهذه باقة متوجة من أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم-.
حلمه وعفوه واحتماله وصبره -صلى الله عليه وسلم-.
حلمه وعفوه واحتماله وصبره -صلى الله عليه وسلم-، كلها معانٍ متقاربة، وهذا كله مما أدب الله به نبيه -صلى الله عليه وسلم- فقال: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) (الأعراف: 199). وقال عبد الله بن الزبير: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) قال: "مَا أَنْزَلَ الله إِلَّا فِي أَخْلَاقِ النَّاسِ"(13). وقال أيضا: أَمَرَ الله نَبِيَّهُ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَأْخُذَ الْعَفْوَ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاس. (14)
وقال تعالى لنبيه: (وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (لقمان: 17).
ولا خفاء بما يؤثر من حلمه واحتماله، وأن كل حليم قد عرفت منه زلة وحفظت عنه هفوة وهو -صلى الله عليه وسلم- لا يزيد مع كثرة الأذى إلا صبرًا، وعلى إسراف الجاهل إلا حلمًا. (15)
وعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: "مَا خُيِّرَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا؛ فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الله فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا". (16)
والحديث في بيان حلمه -صلى الله عليه وسلم- كثير. فَعَنْ جَابِرٍ أخبر أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- قِبَلَ نَجْدٍ فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قَفَلَ مَعَهُ فَأَدْرَكَتْهُمْ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ، فَنَزَلَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، فَنَزَلَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- تَحْتَ سَمُرَةٍ وَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ وَنِمْنَا نَوْمَةً، فَإِذَا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَدْعُونَا وَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ عَلَيَّ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا، فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ فَقُلْتُ: الله ثَلَاثًا وَلَمْ يُعَاقِبْهُ وَجَلَسَ. (17)
وعَنْ أنس قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مُرْ لِي مِنْ مَالِ الله الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ ضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. (18)
والحديث عن حلمه عليه الصلاة والسلام، وصبره، وعفوه عند القدرة؛ أكثر من أن تأتي عليه وحسبك ما ذكرناه مما في الصحيح وغيره إلى ما بلغ متواترا مبلغ اليقين: من صبره على مقاساة قريش وأذى الجاهلية ومصابرته الشدائد الصعبة معهم إلى أن أظهره الله عليهم وحكمه فيهم وهم لا يشكون في استئصال شأفتهم وإبادة خضرائهم فما زاد على أن عفا وصفح، صلوات ربي وسلامه عليه. (19)
جوده وكرمه وسخاؤه وسماحته -صلى الله عليه وسلم-:
كان -صلى الله عليه وسلم- لا يوازَى في هذه الأخلاق الكريمة ولا يبارى بهذا وصفه كل من عرفه. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله قَالَ: مَا سُئِلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ شَيْءٍ قَطُّ فَقَالَ لَا. (20)
وعَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ النَّاسُ قِبَلَ الصَّوْتِ فَاسْتَقْبَلَهُمْ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ يَقُولُ: لَنْ تُرَاعُوا لَنْ تُرَاعُوا وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ فِي عُنُقِهِ سَيْفٌ، فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْتُهُ بَحْرًا أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ. (21)
قال النووي: في هذا كله بيان عظيم سخائه وغزارة جوده -صلى الله عليه وسلم-. (22)
حتى قبل أن يبعث -صلى الله عليه وسلم- فقد قال له ورقة بن نوفل: إِنَّكَ َتَحْمِلُ الْكَلَّ، تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ.(23)
حياؤه وعدم مواجهة الناس بالعتاب -صلى الله عليه وسلم-: وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أشد الناس حياءً وأكثرهم عن العورات إغضاء، قال الله تعالى: ( إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ) (الأحزاب: 53). (24)
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي قال: كَانَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ. (25) ومحل وجود الحياء منه -صلى الله عليه وسلم- في غير حدود الله. (26)
وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو قَالَ: لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا. (27)
وَعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: " كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا بَلَغَهُ عَنْ الرَّجُلِ الشَّيْءُ لَمْ يَقُلْ: مَا بَالُ فُلَانٍ يَقُولُ، وَلَكِنْ يَقُولُ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا". (28)
حسن عشرته وأدبه وبسط خلقه مع أصناف الخلق -صلى الله عليه وسلم-: قال الله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (آل عمران: 159). وقال تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ۚ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ) (المؤمنون: 96). وقَالَ أَنَسٌ -رضي الله عنه-: " خَدَمْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ، وَمَا قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَهُ؟ وَلَا لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ لِمَ تَرَكْتَهُ؟ وَكَانَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا". (29)
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الله -رضي الله عنه- قَالَ: مَا حَجَبَنِي النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي، وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ أَنِّي لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ: اللهمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا. (30)
وكان -صلى الله عليه وسلم- يمازح أصحابه، ويخالطهم، ويحادثهم، ويداعب صبيانهم ويجلسهم في حجرة، ويجيب دعوة الحر والعبد والأمة والمسكين، ويعود المرضى في أقصى المدينة، ويقبل عذر المعتذر. (31)
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلًا الْتَقَمَ أُذُنَ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فَيُنَحِّي رَأْسَهُ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يُنَحِّي رَأَسَهُ وَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَخَذَ بِيَدِهِ فَتَرَكَ يَدَهُ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَدَعُ يَدَهُ. (32)
وكان يبدأ من لقيه بالسلام ويبدأ أصحابه بالمصافحة لم ير قط مادًا رجليه بين أصحابه حتى يضيق بهما على أحد، يكرم من يدخل عليه وربما بسط له ثوبه ويؤثره بالوسادة التي تحته ويعزم عليه في الجلوس عليها إن أبى ويكنى أصحابه ويدعوهم بأحب أسمائهم تكرمة لهم ولا يقطع على أحد حديثه حتى يتجوز فيقطعه بنهي أو قيام. (33)
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: إِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ. (34)
قال ابن حجر: والمقصود من الأخذ باليد لازمه وهو الرفق والانقياد، وقد اشتمل على أنواع من المبالغة في التواضع لذكره المرأة دون الرجل، والأمة دون الحرة، وحيث عمم بلفظ الإماء أي أمة كانت وبقوله: (حَيْثُ شَاءَتْ) أي من الأمكنة. (35)
شفقته ورأفته ورحمته -صلى الله عليه وسلم-: قال تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) (التوبة: 128). وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبياء: 107). عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ جَبْذَةً حَتَّى رَأَيْتُ صَفْحَ أَوْ صَفْحَةَ عُنُقِ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَعْطِنِي مِنْ مَالِ الله الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. (36)
ولما حصل له ما حصل في الطائف وكذبه قومه وسال دمه الشريف جاءه جبريل فقال: إِنَّ الله قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: " بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ الله مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ الله وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا". (37)
تواضعه -صلى الله عليه وسلم-: وأما عن تواضعه -صلى الله عليه وسلم- فعلى علو منصبه ورفعة رتبته فكان أشد الناس تواضعا
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ -رضي الله عنه- يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا: عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ.(38)
والإطراء هو المدح بالباطل تقول: أطريت فلانا مدحته فأفرطت في مدحه. (39)
وكان -صلى الله عليه وسلم- يركب الحمار ويردف خلفه ويعود المساكين ويجالس الفقراء ويجيب دعوة العبد ويجلس بين أصحابه مختلطا بهم حيثما انتهى به المجلس جلس. (40)
عَنْ أَنَسِ قال جاء رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ-عليه السلام-. (41)
قال النووي: قال العلماء: إنما قال -صلى الله عليه وسلم- هذا تواضعا واحتراما لإبراهيم -صلى الله عليه وسلم- لخلته وأبوته وإلا فنبينا -صلى الله عليه وسلم- أفضل. (42)
وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ -صلى الله عليه وسلم- يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ. (43)
عَنْ عَمْرَةَ قَالَتْ: قِيلَ لِعَائِشَةَ: مَا كَانَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ، قَالَتْ: كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ، يَفْلِي ثَوْبَهُ، يَحْلِبُ شَاتَهُ، وَيَخْدِمُ نَفْسَهُ. (44) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: إِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ. (45)
قال ابن حجر: وقد اشتمل على أنواع من المبالغة في التواضع لذكره المرأة دون الرجل والأمة دون الحرة وحيث عمم بلفظ الإماء أي أمة كانت وبقوله (حيث شاءت) أي: من الأمكنة. (46)
فهذه بعض شمائله وأخلاقه تعرفوا عليها واحفظوا قدره وتأسوا هديه واتبعوا سنته يكن لكم الخير بإذن الله.
---
(1) البخاري كتاب مناقب الأنصار باب 28.
(2) مسلم (2276).
(3) فتح القدير6/18.
(4) مسلم (2278)
(5) مسلم (2531).
(6) البخاري (3535)، مسلم (2286).
(7) البخاري (335)، مسلم (521).
(8) البخاري (3557).
(9) البخاري (2652)، مسلم (2533).
(10) مسلم (2383).
(11) الشفا بتعريف حقوق المصطفى 1/76.
(12) البخاري (6203)، مسلم (2150).
(13) البخاري (4643).
(14) البخاري (2644).
(15) انظر الشفا 1/118 بتصرف.
(16) البخاري (3560)، مسلم (2327).
(17) البخاري (2910)، مسلم (843).
(18) البخاري (5809)، مسلم (1057).
(19) انظر الشفا 1/123 بتصرف.
(20) البخاري (6034).
(21) البخاري (6033)، مسلم (2307).
(22) شرح النووي على مسلم 8/81.
(23) البخاري (3)، مسلم (160).
(24) الشفا 1/129.
(25) البخاري (6102)، مسلم (2320) واللفظ له.
(26) فتح الباري 6/650.
(27) البخاري (3559)، مسلم (2321).
(28) صحيح. رواه أبو داود في سننه (4788)، وصححه الألباني في الصحيحة (2064).
(29) صحيح. رواه أبو داود في سننه (4774)، والترمذي في سننه (2015) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأحمد في المسند 3/197، واللفظ للترمذي، وصححه الألباني في مختصر الشمائل (296).
(30) البخاري (2878)، مسلم (2475).
(31) انظر الشفا 1/134.
(32) أبو داود (4794)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (2485).
(33) انظر الشفا 135.
(34) البخاري (6072).
(35) فتح الباري لابن حجر 10/552.
(36) البخاري (5809)، مسلم (1057).
(37) البخاري (3231)، مسلم (1795).
(38) البخاري (3445).
(39) فتح الباري 6/551.
(40) انظر الشفا 1/144.
(41) مسلم (2369).
(42) شرح النووي 8/135.
(43) البخاري (676).
(44) صحيح. الشمائل للترمذي ص 283، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (671).
(45) البخاري (6072).
(46) فتح الباري 10/552.